آن للصبر يغضب - ياسر الأطرش

تطفئ العمر والشموع وتذهبْ
يركض البيت خلفها حدَّ يتعبْ

يرجع البيت في المكان غريباً
روحهُ من شقوقه تتسرّبْ

يسألُ البابَ والنوافذَ عنها
يضحكُ الباب، والنوافذ تنحبْ

يعرفُ البيت أنه دون قلبٍ
يصبح البيت دمعتينِ؛ ويُسكبْ

***

أَيْ عبيرُ التي حملتكِ حقلاً
كيف حقلٌ من الفراشات يهربْ

كيف حُلْمٌ يجفُّ في مُقلتينا
بعدما اليأسُ بالإرادة أعشبْ

كيف تمضين والشوارع خوفٌ
يعبرُ القلب؛ والرصيفُ مُعذّبْ

كيف تمضين من سيحملُ وجهي
إلى رفاقي، حين مني سأُسلبْ

رحلتي أنتِ، هل يموتُ انتظارٌ
أين من ضاع في المحطات يذهبْ

حافيَ القلب والقميصُ حنينٌ
كلما شاخت المسافةُ أخصبْ

كلُّ شيءٍ -وقد رحلتِ- غريبٌ
وانتصاري على غيابكِ أغربْ

كيف قلبٌ بغير نبضٍ يغني
كيف طفلٌ بلا يدين سيلعبْ

كيف شِعْرٌ يجيء دون قتالٍ
أجملُ الشعر بالأظافر يُكتبْ

فاعذروني إذا كسرتُ المرايا
واعذروني إذا فضحتُ المُغيّبْ

يظفر البعض بالبلاد جميعاً
والذي يعشقُ البلاد يُغرَّبْ

ها أبي نام في شوارع صورٍ
ربع قرنٍ.. وزاد رُبعاً.. وأسهبْ

كي يرى العشب طالعاً في يدينا
أشرقَ العشب يانبيُّ وأجدبْ

كفّكَ الآن ياغريبُ قريبٌ
من يدينا، وإنَّ قبرك أقربْ

فارجع الآن من شتاتكَ برداً
أيقظ الصبر.. آنَ للصبر يغضبْ

ليس كفراً بأن تموت انتحاراً
إنما الكفرُ أنْ لموتكَ تطربْ

أيها الطير لاتحاول فُتاتاً
إنّ من يطلب الفتات سيُغلبْ

والذي يخفض الجناح سيفنى
والذي يُسرج البحار سيركبْ

أيها الطير مازمانكَ ريشٌ
فاخلع الريش وانتعلْ حدَّ مخلبْ

مزّق الصمت لاتكن عاطفياً
شعرنا العاطفيُّ أغبى وأكذبْ

يَعذُبُ الموت في ضفاف الغواني
إنما الموت في المشانق أعذبُ