تباريحُ الشوق - محمد نجيب المراد

لامني فيكَ، ما سمعتُ كلامَهْ
عاذلٌ ... إذْ رآكَ كفَّ ملامَهْ

كنتُ أشكو الغرامَ بين يديهِ
فأتاني... يشكو إليَّ غرامَهْ

يتراءى إليَّ مثلَ خيالٍ
ذوَّبَ الحبُّ لحَمهُ وعظامَهْ

هكذا الحُبُّ، إذْ يَشُبُّ فنارٌ
تلسعُ القلبَ خلفهُ وامامَهْ

يُنكرُ المرءُ سطوةَ الهُدبِ مالَمْ
يَرْشُقِِ الهُدْبُ في حَشاهُ سهامَهِ

****

رَسَمَ الحُبُّ لوحةً في عيوني
هل عرفتمُ في لونِها... أقَلامَهْ

وبكى العشقُ حرقةً في دموعي
هل رأيتمْ على الخدودِ انسجامَهْ

وتلاني معذَّبٌ في قيامٍ
هل سمعتمْ صلاتَهُ وقيامَهْ

نفخَ الحُبُّ سِرُّهُ بيَ حتى
صرتُ شيخاً له وصرتُ إمامَهْ

****

ثلثَ قرنٍ أكابِدُ الشوقَ صبراً
في هواهُ، وما ملَلْتُ ضِرامَهْ

كلُّ عامٍ يأتي،أُطِّمِعُ نفسي
ربما كانَ يومَهْ أو عامَهْ

وتمرُّ السنون لا الوصلُ يأتي
لانتشالي، ولا تقومُ القيامَهْ

وتراني بحسرتي، أتلوَّى
إنما حسرتي... بدونِ ندامَهْ

****

وطنَ الوردِ والخزامى لَعمْري
ما أُحيلا ورودَهُ وخزامَهْ

رحلةُ الفلِّ مِنْ دمشقَ استهلَّتْ
خطَّ عِطرٍ وطيَّرتْ أنسامَهْ

مهرجانُ الجَمالِ يبدأُ بالشامِ
وإنَّ الجَمَالَ في الأصلِ شامَهْ

وعيونُ النساءِ تبدأُ بالشامِ
فتمحو ليلَ الضنى وظلامَهْ

ومِنَ "المزَّةِ" القصيدةُ تبدو
شاعرُ الحُبِّ قد شدا إلهامَهْ

وعلى الشرفةِ القديمةِ حلمٌ
علَّمَ الكونَ كُلَّهُ أحلامَهْ

و"بلودانُ" أَسْكَرَ الناسَ لكنْ
دون خمرٍ بنظرةٍ وابتسامَهْ

ما ألذَّ الهوى بريءَ النوايا
عند أطرافِ "دُمَّرٍ" و"الهامَهْ"

والعصافيرُ تنقُرُ الحُبَّ خجلى
ما أماطتْ غِطاءَهُ ولثامَهْ

عندما تشهدُ الطيورُ لحُبٍّ
ذلك الحُبٌّ ما أشدَّ احتشامَهْ

****

مرحباً يا دمشقُ، ألفَ سلامٍ
مِنْ ضُلوعٍ ومهجةٍ مستهامَةْ

قدري أنني حَمَلتُكِ حُباً
وقصيداً وشارةً وعلامَهْ

ثُلثُ قرنٍ مضى وأنتِ ذِمامٌ
حفظَ القلبُ عهدَهُ وذمامَهْ

كُتِبَ الهجرُ لستُ أدري إلى مَهْ
ولماذا يخصُّني وعلى مَهْ

حَكَمَ الحُبُّ إنما دون نَقْضٍ
قد رضينا بغبطةٍ أحكامَهْ

****

" وطني لو شُغِلْتُ بالخُلْدِ عنهُ"
عُدتُ يوماً مُقبِّلاً أقدامَهْ

وجَثَتْ مهجتي على ركبتيها
وتكوَّمتُ دمعةً قُدَّامَهْ

َفهمُ الخَلْقُ أنني لا أُغالي
لو رأى الخَلْقُ "حِمصَهُ" أو "شامَهْ"

****

فسلاماً على دمشقَ، أصدَّت
أَمْ أردَّتْ على المحبِّ سلامَهْ

كلَّ يومٍ عندَ الغروبِ تعالَيْ
واحمليني لأرضِها يا حمامَهْ