في المواعظ - أبو مسلم البهلاني العماني

لا تكترث بالليالي انها دول
لا يستمر لها حزن ولا جذل

كأن حلة حرباء تلونها
لا تظهر الشكل الا ريث ينتقل

ولا تضق بالقضايا في تقلبها
في طي كل شديد خيرة جلل

اذا اعتبرت صروف الدهر مرسلة
ايقنت ان القضايا كلها نقل

وان تفكرت في خطب لتنسفه
بصولة الرأي غرت فكرك الحيل

من اوزع الفكر في شيء يقدره
إلا اعتبارا صمى ايزاعن الخبل

ما فكرة المرء فيما ليس يملكه
من أمر مولاه الا فكرة خطل

لا تحترس بذكاء عند مقدرة
قد يهشم الانف امر تتقى المقل

تيقض الحزم والاقدار جارية
هم برد قضاء ما له قبل

جالد صروف الليالي بالتجلد واف
طن أن احوالها حل ومرتحل

بينا وقيد الرزايا في مهانتها
سما به الجد واستخذى له الأمل

ليصحب المرء في امريه منصرة
من اليقين بان الحال تنتقل

لو ابصر الحر ما بيدي مزيته
من المكاره طابت عنك الغيل

مزية الحر ما عيب الحسام به
ان كان عيبا يحد الصارم الغلل

اسنى الفضائل يبدي شر صفحته
كان ضد الرزايا دونه كلل

صك الخطوب بخطب اسمه جلد
والق الامور بحلم شخصه جبل

وصانع الناس لا نكسا ولا ملقا
بما يسرك من تلقائه الرجل

والبس لدهرك ان لم تزك سيرته
من التجمل ما تزكو به الخلل

مالي وللدهر يغري بي حوادثه
كأن صبري على لأوائه زلل

كان فضلي في عين الزمان قذى
لقد درى انه في عينه كحل

كأن همي سهم في مقاتله
ومذهبي في العلى رجله كبل

اذا تشطت لحقي في العلى عرضت
أمام عزمي في اعراضه علل

لا اجتني خطة الا مخالسة
ودون اتمامها الاهوال تشتعل

ما سرني درك مجد لا تقارعني
من دونه نكبات الدهر والغيل

ولا هنئت بفضل لا تراقبني
من الرزايا عليه خطة جلل

ارى العلى بخطوب الدهر سامية
كأن طرق الرزايا للعلى سبل

قد يكسب المجد مجدا من رزيئته
كجوهر التبر تبدي حسنة الشعل

أقول للدهر ارسلها العراك فان
اجزع لحظتها فالويل والهبل

وهات كاسك ان صابا وان عسلا
فقد تساوى لدي الصاب والعسل

اني انفت من البقيا إذا أنفت
الا اغتيال السري الماجد العضل

متى اضيق بخطب غبه فرج
ونازلات الليالي كلها ظلل

ما ان شهدت امورا وهي مدبرة
لها واعقب من اضدادها قبل

لا آمن الدهر في لين وفي شعث
وطبعه للوفا والغدر محتمل

ما أطيب العيش لولا ان يشاركني
فيما ينغصه الهيابة الوكل

ولست ارتاد ماء ما به كدر
الا اذا كان دهري ما به دغل

ليت الحوادث لا تعدو مساورتي
ولا عرى يد دهر كادني شلل

ان لم اسلط اذا اتقضت عزائمها
بوادر العزم مهتزا لها زحل

ليعلم الجد أما زل بي قدما
اني على جد عزم ما به زلل

صادر همومك والاخطار كالحة
ما يلزم الوهن الا الخامل الوكل

فان افاتك سوء الجد صالحة
فحد همك في ادراكها بدل

من يعطه الله فيها نفسه كرهت
صبرا فما كرهت بالخير مشتمل

فضيلة العزم عما لا تقاومه
عزيمة الفضل فيما تبتغي خول

لبست لمحة طرف نعمة بليت
كما تمزق عن اصليته الخلل

فما جذلت لخير في يدي أجل
ولا جزعت لشر بعده أمل

صارفت صرف زماني بالتي حسنت
في اعين المجد واهتزت لها الفضل

حتى م ارسف في قيد له ذهلت
عني الجدود وصبري ليس ينذهل

وفيم تهتضم الايام بادرتي
فعل الوتير وحسن الواتر الدخل

اليس جوهر عرضي لا ينافس في
اعراضها انها الآفات والغيل

تصدني عن مساع كلها غرر
في جبهة الدهر أو في ساقه حجل

والحظ كاب عقير في براثنها
كأنه أمل ينتاشه أجل

اراقب الجد في نصري فينشدني
لا ناقة لي في هذا ولا جمل

هذا اعتذاري الى العلياء ان طمحت
ما لزني خور عنها ولا فشل

ما ذنب امنية يغتالها قدر
في امرها وقضاء الله يعتقل

اصبحت والدهر من بغضي به جرب
آسيه نبلا وما ينفك يأتكل

اذا تطارحت اغري بي سماسمه
وان تنمرت حاصت عني الحيل

وان بسطت نوالي سامني سفها
اعن سفاهة رأي يفضل النبل

المال لا شيء عندي كي اضن به
في موضع الفضل واللاشيء مبتذل

علق المضنة ما تزكو مزيته
والفضل في الله علق ما له مثل

يزكو الثراء على التوزيع يذهبه
في الله والحمد ليس اللهو والختل

عودت ربي إنفاذي فواضله
فيه وعودني التعويض ينهمل

عوائد الله أغنى لي وان تربت
كفي ونعمة ربي نعمة جلل

يكفي من الوفر ان تبقى محامده
ما أحمد الوفر حسن الحمد يأتثل

حقائق المال كانت في العطا غررا
ولا مزية أن لا تتبع النفل

اوجب لسالبة الانفال فضل يد
فانما سلبها الاعطاء والنفل

لن يلبث المال تذروه الرياح ويب
قى من صفاياه ما شدت به الخلل

نفاسة الفضل علق لا تنافسه
اضبارة من حطام حالها حول

ضمانة الله للانسان كافية
ففيم تدبيره والحرص والعجل

ان كنت تملك بالتدبير رزق غد
فلترجع فائتا من امرك الحيل

كلا لقد اعجز التدبير ما حتمت
به الامور فلا جد ولا خول

ثبت يقينك فيما الله قاسمه
لا بد آتيك لا فوت ولا ميل

اني لا علم امرا ليس يجهله
دهري ولكن صوابي عنده خطل

أيجهل الدهر اذ خضت الغمار به
ان ليس يعحزني عن خوضه الوشل

وهل نفذت شهابا والخطوب دجى
وعندي الصارمان القول والعمل

وهل تقلد جيد المجد من أدبي
مالا تنافسه الجوزاء والحمل

انا ابن بجدة امر لا قرار له
لها على خطة أس لها زحل

على م تنحلني الايام نحلتها
جهلا على خلة ما شانها خلل

تنحو على فضل أوطاري فتعكسها
فلست ابرام امرا ليس ينفتل

قارعت اطوارها حتى خذيت لها
وبي من الصبر مالا يحمل الجبل

وارجف الغدر هيض العظم من عسر
نعم ولكن وفائي الدهر متصل

ان يعقل العسر فضلي عن مواقعه
فلي خليقة بر ليس تعتقل

اذا زكى خلق من اصله نزعت
الى الكمال على علاتها الخلل

لا تنفق النفس إلا من جبلتها
والفضل في النفس ليس المال يؤتثل

عقائل المال تؤتاها وتنزعها
وما عقلية فضل النفس تنتقل

اذا جبلت على امر حمدت به
عداك ذم وان جدوا وان هزلوا

لتبلونك أخطار فكن خطرا
يكاد منك فؤاد الدهر ينذهل

ولا تنم وعيون الدهر ساهرة
وان تناوم فهو المكر والختل

وخذ حقائق ما تخشى عواقبه
من الأواخر مما آتت الأول

وارغب بنفسك ان تخزى على طمع
دع المطامع ترعى خزيها الهمل

واختر على الذل عزا ان تسام به
فدون وجهك في ادراكه سبل

غيظ الزمان اذا عز الكرام به
غيظ المفاخر تعطو نحوها السفل

فلتشف نفسك من عز تغيظ به
قلب الزمان ولو في الحتف ترتسل