المجد لا يملك عن وراثة - أبو مسلم البهلاني العماني

تلك ربوع الحي في سفح النقا
تلوح كالاطلال من جد البلى

أخنى عليها المرزمان حقبة
وعثت الشمأل فيها والصبا

موحشة إلا كناس اعفر
ومجثم الرأل وافحوص القطا

عرج عليها والها لعلها
تريح شيئا من تباريح الجوى

نسألها ما فعلت قطانها
مذ باينوها ارتبعوا أي الحشا

هيهات أقوت لا مبين عنهم
لمحتف بشأنهم غير الصدى

تربع الآنس من أرجائها
واستأنست بها الظباء والها

فقف بنا عند غصون بانها
نشاطر الورق البكاء والأسى

بحيث اهريق بقايا دمعتي
واتبع النفس اذا الدمع انقضى

ان من الحق على مدامعي
ان تسبق السحب على ربع عفا

عهدي بدمعي طاعة ادكارهم
وبفؤادي أن دعا العذل عصى

وما قوفي عند بان نبتت
غصونه بين الضلوع والحشا

لولا علاقات هوى تحكمت
في رمق عاش على مثل الصلا

دعني أبكي دمنا تغيرت
وأطبق الجفن بها على القذى

واذكر الإلف الذي كان بها
وكيف شطت بهم عنها النوى

لم يبق فيها أثر لهم سوى
عيارة الخيل ومركز القنا

لتسرح البرحة في براحها
فانها قد بلغت رأس المدى

لطالما أطلحتها سارية
تمزع في الدو ولا مزع الطلا

يعملة قد أخذت سلاحها
من حقب يزينها على الونى

روعاء ترمي مقلتيها حذرا
بين عزيف وعواء وصدى

زيافة تحوذ في تجليحها
لا فرق ما بين الدماث والكدى

تخلف الريح تكوس خلفها
كأنها أعارت الريح الحفا

كأنها من حقب منحب
في سدفة الليل هلال قد خوى

كأنما تطير من لغامها
سرب ثغام فوق خيطان الغضا

بلبها البرق كأن سائقا
يزجها نحا بأسواط السنا

اذا استطار أرزمت رازفة
تواضخ الخال بأجواز الفلا

كأنما البرق لها أجنحة
اذا رأته حلقت الى السهى

أقول للبرق وقد أرقني
لهيبه أعلىثنيات الحمى

سقيت أجراز البلاد فارتوت
وحظ قلبي منك الهاب الجذى

خل نعاماك تداجي مهجتي
فانها محروقة من الجوى

اهفو الى روح النسيم راجيا
اطفاء ما بالقلب من حر الصلا

أعلل الشوق يصادي كبدي
نفح شميم الزهر من تلك الربى

فكان من حيث الشفاء علتي
ورى زناد الشوق من ذاك النثا

وربما منيت نفسي طيفهم
وهو حلال لي ان حل الكرى

ولو قصدت هفوة بحبهم
أو كنت من عاهدهم فما وفى

أرسلت طرفي رائدا لدهشة
بربعهم تذهلني عن الأسى

هيهات لا تمنعني طلولهم
وسانحات ذكرهم الا الضنى

ولو تركت واجبات حبهم
أو صدف الهجر غرامي والقلى

أو تركت لي كبدا صحيحه
أو جلد الحر على قرع النوى

لكان لي الطول وقفة
أبريء النفس بها من الهوى

لكن لي قلبا عرته سكرة
ما ضل في غمارها ولا غوى

وعاش في صبابة تعمده
مال اليها عامدا فما ارعوى

اسلو بمن أهواهم وان نأوا
وكيف يسلو دنف بمن نأى

وكيفما خامرني الحب فما
قلت رشادي يا ترى أين وخى

ليعمل الحب بنفسي ما يرى
ان ضلالي بهوى القوم هدى

ما زال بي مع الهوى تبصر
ينتقد الحب على شرط الحجا

ليت النهي مع الهوى تثبنت
راسخة فيها عزائم التقى

لو ارعوت مع الغرام نهية
لم يعبث الحب بأحلام النهى

اعمد ممن ضللته صبوة
وبين فوديه ضياء ابن جلا

لربما يهفو التصابي بالفتى
وماله وهفوة اذا عتا

اذا تباشير مشيب وضحت
لم تعذر المرء متى ولا عسى

وفي الصبا معتبة وزاجر
فكيف بالشيب اذا العود انحنى

وكيف بالشيب اذا تقاربت
خطاه أن يقصر في الجد الخطى

يبادر الكيس أخرى عمره
فيرقع الخرق ويوثق العرى

اذا تولى أمد موقت
لم يبق للرجعة منه مرتجى

وكل ما تلبسه من جدة
يعروه من كر الجديدين البلى

ليس الجديدان وقد تباريا
في حزبنا يرضيهما منا الفدا

حتى يثلا معهدا ومعهدا
ويمضيا ثم على الدنيا العفا

لقد بلوت الدهر في عفوته
فكدر الصفو وجد ما عقى

وكان ما اجتبيت في صروفه
بالصبر أجدى من تفارق العصا

وساءني الفائت اذ اكسبني
كنزا من الصبر وفوزا بالرضا

جبلة الدهر خؤون حول
ما راش في عافية إلا برى

محافظ الثبت على طباعه
حتى يحول الآل بحرا في الملا

لا يستقيل عثرة من ندم
ولا يقبل من به الحظ كبا

فاصحبه ذا عزم على علاته
تزجي الهموم للعلى على الوجا

مستحقب الصبر على مراسه
حرا سليم العرض من سوء النثا

تبلد الخطب اذا جالدته
بمرة تبسه بس السفا

محجب البث رحيبا شامخا
من رقة الشكوى وسورة الجفا

ان هزك الممض هز طوده
أو هزك الهول فسيف منتضى

توسعه مريرة ويتقي
من جدها ما تبقى من الردى

لا تعرف النكبة منك جولة
تخذو لها خذو مقودات البرى

تصارع الأخطار غير ضارع
لطورها الأعصم ساخ أو رسا

تحس كل حادث بسيفه
فان نبا حينا فأحيانا مضى

لا تعجل الأمر أمام وقته
ولا تفته حيث آن بالونى

وان تعارضك اثنتان فاتخذ
أولاهما بالحق وانبذ الهوى

ان القوي من ثنى شرته
ومن اذا مال الى النفس انتهى

والعقل والحق يحرران من
رق الهوى ويدعوان للعلا

وشر ما صاحب مرء جهله
مطية فارهة الى الردى

ومن تكن عادته طادية
بالسوء هد مجده بما طدا

أني أصون صفحتي مقتنعا
بما يطف من علالات الحسى

انبو والهوب أواري ساعيا
عن مشرب أشربه على القذى

يحمي الكريم عرضه ويحتمي
ان يرد الآجن من كل الركى

لم التفاني في براض آسن
لا يرتجى من نبضه بل الصدى

ولا أقامني طمعا مقادرا
ولست ولاجا بأسواء القمى

كي لا ترى عين خسيس موقفي
ببابه منتظرا من الجدا

في ظلف العيش على قناعة
تظلف للعرض عن السوء غنى

ومطعم تهافتت ذبانه
قضم الهبيد منه أحلى في اللها

ما أضيع النبل اذا تطاولت
خساسة العرق عليه بالحبى

حسبك عيش ماجد على الرضا
بما منى الله به من المنى

ما أقذر العرض يلب عاذبا
برأسه الى لئيم المنتحى

حتى بغاث الطير تسمو أنفا
عن مشروب تخزى به لمنتضى

آليت لا تعلو يدي يد أمرء
يسلفها اللؤم ويطغيها الغنى

ولا أرى وجهي ناظرا الى
وجه يحق أن يحيا بالحثى

وعيشة تمنها خساسة
أشد عندي قذرا من الوغى

قناعه المرء بما يمنى له
من حظه في عيشه خير المنى

ولا أذود الحظ عن طريقه
فالسيل حظ للوهاد لا الربى

ولا أبات شاكعا من حسد
قد هيأ الله لكل ما كفى

في قسمة الله وفي ضمانه
وفي اقتناع الرزق غايات الرضا

اذا سنا الله لعبد نعمة
فواجب العبد الرضا بما سنا

ففيم يصلى حاسد ضميره
والحظ والأرزاق تقدير مضى

فافطن لاقسام الحظوظ انها
قضية عادلة بين الورى

سوية وان تكن تمايزت
حالة ذي عدم وحال من ثرى

لم يظلم القاسم محروما ولا
كل سعيد بالثراء محتظى

ما سرني من الثراء وفره
ان كان بين اللؤم والحرص نما

اذا نفته هكذا وهكذا
صنائع في أهلها فقد زكى

فانهب المال حقائق العلا
وفك من أسر الزمان المهتدى

ما بليت موهبة في حقها
ووعد ما ضن به الحرص البلى

فربما تحسبه وضيعة
في متجر الفضل به الريح نما

عقائل المال اذا أطلقتها
خلدت الذكرى وأنت في الثرى

ما الحق الله بنفس حوبة
تحوبت من شحها بالمقتنى

أذل أعناق الرجال حرصهم
لاتستقيم عزة على الكدى

حتى متى كأسي ريق حية
ومطعمي من زمني مر الجنى

أطالب الدهر حقوقا كلها
كبارح الأروى منيعات الذرى

أقطع آمالي بما في بعضه
أكبر من كاف لدرك المبتغى

كأن تطلابي أمرا ممكنا
أصعب من أمر محال المرتجى

لست على الحمد من الأمر اذا
غالطته خلابة فيما أتى

آتيه نصا فاذا خادعني
فوضتها الله يقضي ما قضى

والخب لا تصحبه فضيلة
ولو إلى النجم بدهيه غلا

ان وسه الدهر احتمال عاجز
فهو سلاحي وتلادي المجتبى

ينفق في اهانتي صروفه
وانفق العزم وانفاقي زكى

ذنبي اليه جنفي عن لؤمه
وقدرتي على احتمال ما حنى

وانني الحتف على لئامه
انكأ في حلوقهم من الشجى

أذود عن حريتي بحقها
واجهد النصر لحر مبتلى

وانني لا اعرف الحد لما
استطيع أن أنجزه من العلى

وانني لا ابطل الجهد الى
حد سكوني بين أطباق الثرى

وانني أدرك أن عازما
مثابرا يدرك غايات المنى

وانني في محن ساورتها
علمت ما جهلته من الورى

وان في حسن التدابير غنى
عن خدع وهو عماد من وهى

وانني لا أستثير سيئا
ولا أسيئ دفعه اذا عنى

ولا أداجي مالئا وذامه
علي غيظا بفقاعات النثا

ولا أحاجي ملقا ذا ظاهر
يشف لي ظاهره عما انطوى

مالي وجهان ولا ثلاثه
إن لم اكن حلوا أكن مر الجنى

تلك وما يفضلها خصائصي
وليسها عند الزمان ترتضى

أرى الحياة كلها ذميمة
وخيرها وشرقها الى مدى

يحبها المرء على آفاتها
وتظهر الآفة عند المنتهى

يعيش لاتندى صفاة كفه
يخزن للوارث كل ما اصطفى

لا تربح الدنيا بشح وافتقد
ما أوضع الجامع من خلد الغنى

نهب فيها هبة فتنسري
وكلنا مرتهن بما أتى

يفوز فيها كيس بربه
أمامه الرشد بمنهاج الهدى

فاستخلص المجهود في تخليصها
من ورطة الذنب واشراك الهوى

وانتهز الفرصة في استدراكها
أوامر الله وما عنه نهى

ان لها عدوا الى غاياتها
والحد وافاك ودربك انقضى

لاتهملن ذرة في عبث
فلست متروكا كما شئت سدى

تودع الأنفاس لا تبكي لها
ورجع ما ودعته لا يرتجى

والكل منها راحل ببضعة
من أجل مقدر على شفا

وآخر الأنفاس يرجو وقته
فهل ترى تأخيره اذا دنى

وربما فكرت في تأخيره
يكون أدنى لك من فكر الحجى

فودع الباقي منها مخلصا
بالباقيات الصالحات في اللقا

دراكها مبادرا دراكها
فالأجل المعدود للعمر خلا

أما ترق لحياة أوذنت
بغصة الموت وهول الملتقى

ارحم حياة طلحت بوزرها
في حمل ذر منه ايهان القوى

لو قرصتها ذرة تألمت
فكيف بالنار الى غير مدى

حتى متى تنصبني أمنية
في نصرة الله فتعدوني المنى

كأنني مكبل في شرك
يزداد في الشد اذا قلت وهى

أشاطر النجم السهاد ساريا
فيغرب النجم وعيني في السرى

كأن أفعى نهشت حشاشتي
من لازب الهم وتلهاب الحشا

أذكى من النار بقلبي زفرة
يخرجها المظلوم من حر الأسا

محترق الأكباد من حسرته
لاغوث لا منصف لا يلوي الى

أنفاسه تطرق باب العرش لا
تطرق بابا غيره ولا ذرى

وعبرة تسفحها أرملة
كالخلق السحق اصارها الضوى

شعثاء غبراء عليها ذلة
مهضومة الحق عديمة الحمى

وصفرة على يتيم شاحب
ادقعه الفقر واشواه الضنى

مفترسا على العفا اديمه
وهل له عافية على العفا

يغدو ويمسي ضاحيا تحت السما
كأنه عود خلال أو خلا

وضربة من سيف باغ نهكت
وجه تقي مثل تشهاق العفا

وسطوة من ظالم شباته
اقتل الاسلام من حد الظبى

يتنهك الحرمة لا تريغه
ضريبة من كرم ولا تقى

يرى عيال الله صيد قوسه
يترك ما شاء وما شاء رمى

جاس البلاد بالبلاء طاميا
فبز حتى بلغ السيل الزبى

وغيرة المؤمن في ضميره
يطفئها الخوف ويطغيها الأسى

يهان في حريمه وعرضه
ودينه وماله مثل اللقا

حامي الحميا مرس لكنه
شرارة في ضرر لا ما عدا

ما نتفع الغيرة في مكمنها
والسيف في قرابه لا ينتضى

حتى تكر الخيل كشفا ساقطا
تهوي هوي العاصفات في الوغى

تجمز جمزا بالكماة شزبا
عوابسا شمسا كسيدان الغضى

هوازجا غربا لجاجا ضبعا
غمر الأجاري بعيدات الشحا

في فلق حالكة أركانه
يجلل الأرض الدجى راد الضحى

مجر لهام أرعن هطلع
غمر دخاس لجب صعب الذرى

مزجر الوغر له زمازم
زهاؤه الليل اذا الليل عسا

بكل صنديد عتيك داغر
مهول الكبة شداد السطى

يستحقب الحتف ويشهى حينه
ان يكن الحتف انتصارا ً للهدى

تهوى النسور سيفه ورمحه
لما يتيحان لها من القرى

يصدع قلب الروع في عزيمة
أسرع من برق واورى من لظى

كأنها جرازه من قلبه
لا ينتحي ضريبة الا فرى

مجرس مضرس ممارس
يمترس الخطب اذا الخطب شحا

على سراة شامس مطهم
معترق في جريه عبل الشوى

يخترق الحومة في وطيسها
يعارض الهول ويعتام الردى

كأنه صاعقة منقضة
لوصلك في خطفته الطود ثرى

محتمشا مضطغنا صمصامة
يحوش أكداس الرعال كالقطا

أخلصه الصقل شهابا قبسا
وكمن الموت به على الشبا

يفضفض الجحفل باهتزازة
منه ويجتز الاشم إن هوى

يشفعه بلهذم سطامه
أعصل رقشاء على الحتف انطوى

في مأزق بين كمي قد دمى
يحشرج الروح وضرغام شصى

يسوط فيه فيلقا بفيلق
كما يسوط البهم ضرغام الشرى

بهذه الخطة نشفي غيظنا
ان كان بالسيف أخو الغيظ اشتفى

بهذه الخطة نرضي ربنا
ان كان فينا طالب منه الرضا

بهذه الخطة نبتاع العلى
في الدين والدنيا ونستوفي المنى

بهذه الخطة نرقى سلبا
لغاية حض عليها ودعا

أين رجال الله ما شأنكم
الى متى في ديننا نرضى الدنا

الى متى نعجز عن حقوقنا
الى متى يسومنا الضيم العدا

كنا أباة الضيم لا يقدح في
صفاتنا الذل ونقدح الصفا

كنا حماة الأنف لا يطمع في
ذروتنا الطامع في نيل الذرى

لا يطرق الوهن عماد مجدنا
وكم ثللنا عرش مجد فكبا

على م صرنا سوقة إمعة
اتبع من ظل واقتى من عصا

ما أفظع الشنار أو يزيله
ضرب يزيل الهام من فوق الطلى

الى متى نخزى ولا يؤلمنا
كالميت لا يؤلمه حز الشبا

أذل من وتد حمار فيهم
وقدرنا أقصر من ظفر القطا

الى متى نهطع في طاعتهم
ونتقي وليتها تجدي التقى

الى متى نهرع في أذنابهم
لا ملتجى لا منتهى لا منتحى

الى متى يعرقنا نكيرهم
وجورهم وكفرهم عرق المدى

الى متى تقضمنا أضراسهم
الى متى نحن لهم عبد العصا

الى متى تعركنا أحكامهم
الى متى الى متى الى متى

أين محب الله فينا صادقا
لو صدق الحب لهان المختشى

لا ينتهي اذ نفست قروانها
محارم الليل الى العزم اللقا

أين ذوو الغيرة من لي بهم
قد حزب الأمر قد انقد السلا

اتسع الخرق على راقعه
من يشعب الوهى ويرتق الثأى

أما شعرتم أنها داهية
شعواء لا فصية منها بالولى

هبوا من النومات ان حية
تنباع ما بين شراسيف الحشا

حتى على الموت الزؤام نومكم
وليته موت على حفظ الحمى

قد استباحوا حرمان دينكم
ومنعوا الأرض الحياة والحبا

تحكموا في ملككم ورزقكم
وكبسوا البئر وقطعوا الرشا

منوا عليكم بغذاء طفلكم
وحسوة الماء ونفحة الصبا

وأزعجوكم عن ظلال ريفكم
وليتكم لن تزعجوا عن الفلا

وضايقوكم في بلاد ربكم
حتى على مدفن ميت في الثرى

لا يرقبون فيكم الا ولا
ذمة دين أو ذمام من رعى

قد سفكت دماؤكم وانتهكت
حرمتكم ولا حشا ولا خلا

نقعد يشكو بعضنا لبعضنا
وما مفاد من شكا ومن بكى

في بعض هذا غصة لعاقل
لو رجعت أفكارنا الى النهى

يسومنا الخسف خسيس ناقص
لا دين لا حكمة لا فضل ولا

أليس مما يذهل اللب له
عسف الطواغيت بشرع المصطفى

وحملنا على اتباع غيهم
مصيبة لحرها ذاب الحصى

هب ملكنا ورزقنا فيئً لهم
فديننا الأقدس فيئ وجزى

لله ما أفظعها داهية
لو عوفيت قلوبنا من العمى

فيا صباحاه وهل من سامع
لصرختي وهل يجيب من دعا

قد ذبح الملك وهذا دمه
ومدية الذابح في نحر الهدى

وأصبح استقلالكم فريسة
بين كلاب النار يا أسد الشرى

أليس عارا أن نعيش أمة
مثل اللقا أو غرضا لمن رمى

يلفنا الخزي الى أوكاره
ويحكم النذل علينا ما يرى

أنشرب الماء القراح ما بنا
من مضض وليس بالحلق شجا

ونهنأ العيش على اكداره
وتطعم الأجفان لذات الكرى

وجنبنا جنب صدئ صاغر
والسيف حران الحشا من الصدى

كم نظلم السيف بمنع حقه
أما يجازى ظالم بما جنى

ان السيوف طبعت لحقها
وحقها تحكيمها على الطلى

والسيف شهم لا يفيت حقه
أصدق من جد وأكفى من كفى

والسيف حر لا يقر خازيا
يصول ان ضيم وان صال اشتقى

والسيف لا يرضى الذليل صاحبا
ان الذليل بالشنار مكتوى

والسيف جلاء المخازي آخذ
بضبع من يكرمه الى العلى

والسيف مفتاح اذا تضايقت
على الهمام الحر آراء النهى

والسيف كالصدق من الرجال ما
هززته لخطة الا مضى

والسيف في عزومه مؤيد
ان شد سد وتقاضى وقضى

والسيف ذو نقيبة في أمره
ثبت على العلات ميمون الخطى

والسيف أقضى بالحقوق حاكما
أوفر حق ما به السيف أتى

والسيف أوفى صاحب رافقته
ان خانك الدهر وأهله وفى

والسيف فيه فرج معجل
ان الغموم بالسيوف تجتلى

والسيف يعطيك الذي اشتهيته
ان توله من حقه كما اشتهى

ان السيوف عاهدت أربابها
بالمصدر الأقصى وتقريب القصا

هن فحول الحرب منها لقحت
وهن يقتدن الفحول بالبرى

والمجد حيث أبرقت وأرعدت
ينبت من ساعته ويرتعى

ما بالنا نحصنها عقائلا
من المقاصير عليهن الحلى

أين بنو الآسلام ما يعجزنا
والعزة الكر بحومات الوغى

أين بنو القرآن هل ثبطكم
كتابكم عن الجهاد للعدى

أين غطاريف الجلاد بالظبى
أين مشائيم الطعان بالقنا

أين بنو التوحيد لو صدقتم
توحيدكم ما رقص الشرك على

أين بنو الأحرار ما سكونكم
والملك والدين حريب والحرى

كم ذا يناغيكم مبير خادع
أطرق كرى ان النعام في القرى

فجشموه جشما وبيلة
أو تهصروا العظم وتنزعوا الشوى

هلم شدوا شدة قاصمة
مريضة الشمس حمية الوحا

ثبوا الى الموت كراما واندبوا
عزائما تسعر تسعار الصلا

ان ضرابا بالصفاح خطة
ترد ما فات وترسي ما هفا

قدآن للاحرام ان نحله
وتنحر الهدي على رأس الصفا

قدآن لصائم وقت فطره
لطالما ارمض بالصوم الحشا

قد آن للوضوء أن ننقضه
بالسافح الثائر فرصاد الكلى

نقر احلاس البيوت خشعا
أبصارنا مغمضة عما دهى

ندرس تأريخ الالى تقدموا
وحسبنا الله تعالى وكفى

ان العظام لا تؤاتي شرفا
ولا أقاصيص الوغى تكفي الوغى

والسلف الصالح سل سيفه
وكان ما كان له ثم انقضى

تلك الرفات طينة صالحة
لغارس وحارث ومن بنى

أتبحثون بينها عن عزة
أوفي لعل فرجا أوفي عسى

تلكم إذاً أمنية مخلفة
وضيعة العقل وجهل وعمى

لنا صفاح ولها سوابق
لكننا نصفح عن سبق العلى

والمجد لا يملك عن وراثة
لكن بتحطيم الشبا على الشبا

عز على ما اثلت عهودها
كسب المعالي واندفاع ما عنا

ولو تقلدنا فعال أهلها
لم يعبث الفأر بهيصار الشرى

نعيش في هينمة بذكرهم
يعقبها واها وانى ومتى

نعم لهم سوابق لكنها
لا تنعش الجد إذ الجد كبا

معصومة الذروة لا يبلغها
الا همام باللهاميم اقتدى

اذا اتكلنا قعددا عليهم
لم يسلم المجد اذا من الأذى

شدوا الحزيم للهوادي فانثنت
ودوخوا بالعزم صعب المرتقى

واحمشوا الحرب اباء ضيمها
بل هم لها متى ذكت عين الذكا

هم علموا الدهر مراس قرنه
ثم انتهى بعد المراس مهتدى

هم علموا السيف مضاء عزمهم
فهو قرين عزمهم حيث انتوى

هم أدهشوا الهول بما يهوله
فانكفأ الهول شكيا بالضوى

هم شيدوا المجد بما ابيض به
فود عوادي دهرهم حتى غطا

هم عقدوا بالعز عين همهم
فلا تداني ذلة لهم حمى

لا يطرق الضيم عزيز ركنهم
ولا يضام عائذ به احتمى

هم أسبغوا للمكرمات دهرهم
فدهرهم للمكرمات في طوى

هم أجدبوا سوحهم من وفرهم
وهم لأرض الله غيث وحيا

هم أنضبوا غدرانهم بجودهم
وفجروا في الناس ينبوع الغنى

هم وسعوا الكون حلوما وهدى
وصائلا ونائلا ومجتدى

هم أمجدوا وانجدوا وأوجدوا
وأفقدوا وطولوا الباع الوزى

هم جردوا وشردوا وطردوا
وأوعدوا وأوردوا بحر الجدى

هم لكبات الخميس حدها
وجدها وشدها والمحتمى

هم اذا الخيل ارتجحن بحرها
في مأزق الروع تراموا للردى

أولئك القوم وصيت فخرهم
ان كان في أسماعكم ذاك الوحا

أسلافنا ومالنا من مجدهم
الاحديث بعدهم لا يفترى

لم التحجي بعدهم في شرف
عند رفات القوم في الأرض حجا

نرفع منا أنفسنا وننتخي
كأنها من كسبنا تلك النخا

نصحبهن أنفسنا مثقلة
بطيئة تحمل أوقار الونى

تعزف عن مضوفة إذا عنت
مجفلة عن المضاف ان دعا

الا نفوس عزم عارفة
لهن جأش ان طمى الهول رسا

الاشدا في أنفس أبية
يصبرها على مقاساة الشدا

تشفع احسابا زكت بمثلها
لها بها أصله الأصل أسى

هلم فلنحذو حذو سعيهم
فليس للانسان الا ما سعى

ليسوا رجالا لا نطيق فعلهم
لكنهم جدوا وقصرنا الخطى

تناولت أكفنا سيوفهم
يا أسفا وعجزت عن السطى

ما انطمست من دوننا سبيلهم
قد نصبوا الأعلام فيها والصوى

ما كابدتنا خطة عن شأنهم
أفظع مما كابدوه فانفأى

هم غربوا وشرقوا وأيمنوا
وأشأموا ومهدوا لنا الذرى

وهم سروا بجدهم وجهدهم
فحمدوا صباحهم غب السرى

همو أقاموا سننا شامخة
تمثل الشهب ارتفاعا وسنا

هم أقدموا ارتجرد السراحيب لها
تعطش الصادى الى نار الوغى

تزفي الخميس جحفلا فجحفلا
مثل الدبور انجلفت عنها الطخى

ياهي مالي وعشيري ارملوا
معاقل العز وايتموا العلى

أين رجال الله أين غارهم
قد هدم الحوض ودمت الركى

أين الذين استخلصت شيمتهم
كأنها الدر اليتيم المنتقى

أين الذين محصت سيرتهم
مكدرات دهرهم حتى صفا

أين الذين عرجوا الى السما
أعني سماء العلم والدين، الهدى

أين شموس الأرض أنى أفلت
وأبقت الناس على مثل الدجى

أين الخيار العائذ الكون بهم
وصفوة الصفوة من هذا الورى

أين ربيع الأرض أين غيثها
يا حربا لا غيثها ولا السدا

أين بقايا الله في عباده
ظنائن الله وقائذ التقى

أين أسود الغيل ماذا اغتالها
قد أسد الثعلب فينا وضرى

هيهات بعد القوم شدت رحلها
حمية الدين وصارت منتسى

أنشدها من مسجد فمعهد
فمنهج فمجمع فمنتدى

فلم أجد منشودتي في موضع
ثم حدست انها رهن الثرى

أرملة ناحت على أحرارها
ثم ثوت آسفة فيمن ثوى

اواه اواه رزئنا بعدهم
وليتنا في خلف عمن مضى

مافي الحمى من دافع ومتق
ما يعقب الخزي ولا من يتقى

قد ضاعت الحرمة بعد صونها
وشنت الغارة في عقر الحمى

وطرق الحي ذئاب جوه
ودعثر الزرب وخاس المرتعى

ادعوا رعاة الحي في قبورهم
ان سمع الميت دعاء من دعا

ادعوا لها الأموات اذ آيست من
احيائهم لعل فيهم من وعى

يا أيها الراعي انتبه فما بقي
حول المراعي ما ثغى وما رغى

يصخ صوتي مسمعا ومسمعا
لو كان من يزعجه هذا الندا

أصبح قومي جثة باردة
عي بها الطب وعيت الرقى

ما أثر النصح على ألبابهم
الا كآثار الحيا على الحصى

وما رسوخ الوعظ من قلوبهم
الا كما يرسخ في الصخر الصدى

ولا لاحرار الكلام عندهم
تكرمة ولا لحر مستوى

تنصحهم فتجتوى ديارهم
ان الكرام دارهم لا تجتوى

امحضهم نصائحا لو ذهبت
الى جماد ذاب أو ماء جسا

فتنثني نصائحي مكارها
يقرضها اللوم وينفيها القلى

سيدرك النصح لزاز محوذ
عزائم الرأي اذا لاح الجلا

لقد نفت عني الرجال شيمة
لو سكنتهم زلزلت قلب العدا

لكنني أعجز أن أفيتهم
تكذيبهم بينتي للمدعى

ان القلوب استشعرت جبلة
فتاركت أحلامها الى الهوى

ليس العصور الغر ان تكشفت
بحسنها هادية لمن غوى

كل امرئ بفعله معتبر
والسف بالشفرة يفضل العصا

فتحت عيني فرأيت غافلا
يحمله السيل وليته درى

ونائما والنار في جثمانه
كأنه جزل الغضى وما وعى

وراضيا بذلة مفتخرا
بأن يعيش خازيا ومزدرى

ومؤمنا مستضعفا يغمزه
ظالمه من الرجا الى الرجا

وعاقلا في رأيه متهما
وأرشد الآراء للحر الدوا

وحاسدا لنعمة تخاله
أسعر ما كان اذا قلت خبا

وبائعا لوطن فيه انتشى
بلقمة يلذها وهي الودى

فهل لنا استقامة وعزة
وحالنا مشؤومة كما نرى

وأغلب الناس الوفاء عندهم
مستهجن وعهدهم على شفا

يجرون في الأهواء لا تكبحهم
شكيمة عن دحل ولا هوى

وأدعياء الفضل ان دعوتهم
لغمرة الجلى تراموا للعرا

همهم في شهوات طبعهم
هم السوام في ارتياد المرتعى

سريهم من جمع المال ولو
أفلس من مروءة ومن حجى

اذا دعا المجد تفادى ناقصا
وان دعاه بذخ قال انا

لا يشرف اليوم بعقل مقتر
والسيد الأقعس من نال الغنى

فخذ من الغمر الدني رأيه
ان ملأ الكيس ودعه ان ضقا

تخاضعت له الرقاب عنوة
وان جست صفحته وان ظمى

عصائب الاسلام تلكم حالنا
وليس يخفى في الظلام ابن رجلا

ما تنظرون في التماس طبكم
قد نكأ الجرح وادنف الضنى

ليس لها الا التفاف قوة
بقوة ومقتدى بمقتدى

ليس لها الا نفوس طفئت
أضغانها واشتعلت فيها التقى

يلمها الايمان قلبا واحدا
وجهته الله وحشوة الهدى

اذا رمت فقوسها واحدة
وما رمت وانما الله رمى

دب اليكم داء من قبلكم
من حسد يسفعكم ومن قلى

فخلصوا الأنفس من أدوائها
فقل من مهما أصابته نجا

ولو تآلفتم على ايمانكم
وكانت الأوجه وجها ينتحى

ومحصت أنواره قلوبكم
فصفيت من فتنة ومن شذا

ضاق على الخصم الفضاء دونكم
وعزه الاركاس من حيث نزا

عسى الذي قدر ما يهولكم
يزيل باللطف الخفي ما عنا

ويمطر الروح على ربوعكم
فينضر الروض وان كان ذوى