عودة - سيف الرحبي

أعود أخيراً
بعد أن قايضتُ كل دموعي في الطرقات
ثمن رغيفٍ أو ذكرى
وبعد أن طفت المدن السبع
موزعاً، رسائل غرامٍ ساذجة
وايقوناتٍ سرقتها من الكنائس
لأعطيها للعميان
على كتفي كان وقر من قصص الجن
وصحراء باهرة، عواؤها يُسرج
القارات بنشيج لا ينقطع وجبال
تفتش فيها البومةُ عن ضالتها
على ضوء السرجان الموقدة
بدم الرعاة [أتذكّر
في طفولة ما.. كيف ضعت
في شعابها وكيف ناورت
الثعالبَ ونصبتُ شباكي
في غسق الفجر لأصطاد القطا]
أخيرا أعود
بعد أن قايضت كل دموعي
في الطرقات،
ثمن رغيف أو ذكرى
يَبْزَغُ خوفي القديم
من هبوب الخطوة الأولى
من جلال الأمومة وبطش الأبوة،
مُلاحقاً بحشود الأقدام
والوجوه والمصائر
منذ عادٍ وحتى شفق الذّرةْ
سأحملها بمراياها الألف
مع أرصفتها وخياناتها وروعتها
حتى يسقط نيزكُ على رأسي
سأحمل الأرض ومنْ عليها
كليلةِ حبّ تهرب من كفي
وأعيش صباح يومٍ آخر.