الراحلة ..! - أحمد مطر

لا شَـيءَ ..
هذا ما ألِفْنا طُولَ رِحْلتنا الَمديدَةْ
لا تأسَفي لنفُوقِ راحِلةٍ هَوَتْ
من ثِقْل جُملَتنا المُـفيدة !
فَعَلى الطريق سَنصطفي أُخرى جَديدةْ .
وإذا وَهَتْ كُلُّ الجمِالِ
عَـنِ احتمالِكِ واحتمالي
فَلْيكُنْ
قَـدَمي أحَـدُّ مِـنَ الَحديدِ
وخُطوتي أبداً وَطيدةْ !
* *
لا.. ما تَعِبتُ
وَلو ظَلَلْتُ أسيرُ عُمْريَ كُلَّهُ
فَوقَ اللّظـى
سَيَظلُّ يَفعَمُني الرّضا
ما دُمتِ طاهرةً حميدةْ .
ماذا أريدُ وأنتِ عندي؟
يا ابنَتي
لو قـدَّموا الدُّنيـا وما فيها
مُقابِلَ شَـعْرةٍ من مَفرِقيكِ
لَقُلتُ : دُنياكُمْ زَهيدة !
* *
وَطَـنٌ أَنا
بينَ المنافي أحتويك مُشرَّداً
كي لا تظلّي في البلادِ معي شريدةْ .
وأنا بِنُوركِ يا ابنتي
أنشأتُ مِن منفايَ أوطاناً
لأوطاني الطّريدَةْ .
لكنّها بُهرَتْ بأنوارِ السُّطوعِ
فآنَسـَتْ لعمى الخُضوعِ
وَمـَرَّغَـتْ أعطافَها بالكيْـدِ
حتّى أصبحتْ وهيَ المَكيدةْ !
* *
ما همَّني ؟!
كُلُّ ا لحُتوف سلامة
كُلُّ الشقاءِ سعادةُ
ما دُمتِ حتّى اليَومِ سالمةً سَعيَدةْ .
لا قَصْـدَ لي في العَيْشِ
إلاّ أن تَعيشي أنتِ
أيَّـتُها القَصيدةْ !
* *
هَيّا بنا..
لُفّي ذِراعَكِ حَوْل نَحْري
والبُدي في دِفءِ صَدْري
كي نَعودَ إلى المَسيرِ
فإنَّ غايتَنا بَعيَدهْ .
وَدَعي التّلفُّتَ لِلوَراءِ
فقد هَوى عَمّا هّـَوَتْ
وَصْـفُ الفقيدةْ .
هِيَ لم تَذُقْ مَعنى المَنيَّةِ حُـرّةً
مَعَنا
ولا عاشَتْ شَهيدَةْ .
لا تَحزني يوماً عَلَيْها
واحزني دوماً لَها .
لَمْ نُنْفَ عَنها.. إنّما
نُفِيَتْ، لِقِلّةِ حَظّها، عَنّا الجَريدَةْ !