رصَد في باب الدَّهشة - محمد ياسين

1
في صبحٍ يقطرُ من شُرفاتِ الله على الارضِ وِئاماً
يعبقُ بالأضواءِ ونفحِ ملائكةٍ هبطتْ
ترقبُ عابرةَ الصُّبحِ لترقيها من وقع النَّظَراتْ
2
في الصُّبحِ تُرَدُّ الأرواحُ إلينا
أسمعها تتضوَّع أنفاساً
ألمحها في ذاكرة الرّوحِ قصائدَ
تشكو ما فعلت عاصفةُ الأيّامِ بنا
حين اختلطت كلُّ الأشياءِ
فأمسى كلٌّ في جهةٍ
أمسحُ عن خدّيها ما فاض من القهرِ
تضجُّ الأرواحُ بأقبية الليلِ وتحضرُ
مُشفِقةً من فوضى الأيامِ علينا
لكنّي ألمحُ في زاويةِ المشهدِ
أضواءً ...
مطراً يهمي ...
في الليلِ الحلمِ بشيراً
يكتملُ المشهدُ ...
أُغنيةً ... وعناقاً أبديّا
يحملني عبقُ الصُّبح إليها
أُبصرُ دربي القادمَ ...
ها هي في وَضَحِ الرُّؤيا
مشرعةً لغدي الموعود ذراعيها
موسيقى دافئةً تنثرُ زهرَ بنفسجَ
مرسومٌ باللونِ الكُحليِّ على قامتها حُلُمي
3
ثَمَّةَ صوتٌ يهزأُ بالشّاعرِ
ما يُدنيكَ من النّارِ ؟
وما يَدعوكَ لموتكَ ؟
وما يُغريكَ لبذرِ حنينكَ في الجّهةِ الأُخرى ؟
ما يُبقيكَ على حَدِّ الرّغبةِ مطعوناً بالحَسَراتْ ؟
هو أمسي المنسيُّ بعينيها
هو عمري المتبقي بين يديها
هو طعمُ الشّوقِ شهيّاً يلمعُ في شفتيها
هي أرضٌ سأُردُّ إليها
4
أتبعُ أيّامي في الصُّبحِ
وخمسةُ أمتارٍ تُبعدُني عنها
خمسةُ أزمانٍ
خمسةُ أبوابٍ موصدةٍ
يعرفني ذاك الشَّبِقُ الكحليُّ المُلتفُّ على الجَّسدِ المرمرْ
ينظرُني شَزراً من بين ثناياهُ
كأنّي صرتُ غريباً
يُعرضُ عنّي في زهوٍ مُحتفياً بخليلتهِ
ذاكَ الفاجرُ يعرفُني
5
في الصُّبح الكحليِّ
على حدِّ شعاع الشَّمسِ مشيتُ
على ولعي فوقَ جنون التّوقِ خطوتُ
طرقتُ البابَ الخامسَ فانتبهتْ
والرابعَ فابتسمتْ
وقرأتُ اسمي مُنتشياً ينهلُ من شفتيها
وأنا ظَمِىءٌ أستجدي لحظةَ ماء
أشرعتِ البابَ الثالثَ
أبصرتُ من الضوء طريقاً يمتد إليَّ
ولجتُ البابَ الثاني
وعبرتُ دروب الخطوةِ من فرط حنيني
رصَد في بابِ الدَّهشةِ
ألقيتُ ظنوني
ما بين تكسُّر أسئلةٍ وكواكبَ تهوي
صَفعَتني الحيرةُ
مازلتُ أراها تنأى
أنظرُ في الصُّبحِ وحيداً
تمتدُّ أمامي آلافُ الأبوابْ