عاد لنرجسةٍ تقرأُ فِتنتَها - محمد ياسين

من مرقَدهِ
من عَسَف الليلِ وما صبَّ من الحُلكةِ في دمهِ
من أرضٍ لوّحها النسيانُ
وحلَّ بها الإخفاقُ طويلاً
من بين الشّوكِ الدَّمويِّ ، تململَ
من قعر الليلِ تململَ
من غُربتهِ ...
لكأنَّ الأفقَ تداعى
نفض العتمةَ عنهُ ... تطاولَ
ثمَّ تطاولَ حدَّ السِّدرةِ
عادت ذاكرةُ الأشياءِ ترفُّ حواليهِ
التقطتهُ ببهجتها ... ردَّتهُ إليهِ
أعادت للزمنِ السّاكنِ روحاً
للوردةِ ما شاعَ من السّرِّ
أعادتهُ ... لأوّلِ سطرٍ في صفحةِ عينيها
ولأوّلِ رنّةِ قلبٍ
لتَلعثُمِهِ ... حين دعاهُ التّصريحُ
لقولِ أُحبُّكِ
للنصلِ الأوّلِ في خاصرة العمرِ
لأوّلِ عاصفةٍ
حملتهُ لأوّلِ قصةِ حبٍّ في زمنٍ ما ...
ولأوّلِ لؤلؤةٍ
سكنت إحدى الصّدفاتِ ببحرٍ ما ...
لامرأةٍ
هيَ أوّلُ ما في الأمرِ وآخرُهُ
عادت ذاكرةُ الأشياءِ
تُثيرُ مكامنَ جللها النّقعُ
تُؤجّجُ جمراً ...
تَنقرُ شبّاكَ القلبِ الموصدَ
توقظُ في دمهِ الحلمَ
تُقيمُ صلاة الفجرِ
أعادتهُ ...
لأوّلِ زاجلةٍ أرسلها لبلادِ الرّوحِ
لأُغنيةٍ ...
رجّعت اللحنَ ربيعيّا
حينَ أتاها يحملُ في كفّيهِ الحلمَ نديّا
عادت ذاكرةُ الأشياءِ
وعادَ كما الأمسِ
غديراً
تسكنُ ضفّتَهُ نرجسةٌ
تقرأُ فِتنتَها
في مرآةِ تدفُّقهِ