المجدُ يُدرك بالقَنا الحسَّاسِ - نور الدين السالمي

المجدُ يُدرك بالقَنا الحسَّاسِ
في كَفِّ مِقدامٍ شديدِ الباسِ

يرمي بهِ نحرَ العدوِّ فلا تَرى
إلا الكَمي يخِرُّ بين النـاسِ

وبقاضبٍ عَضبٍ إذا حَكَّمتَهُ
في قسمةِ الشُّجعان والأفرَاسِ

أيقنتَ أن السيفَ عدلٌ في القضا
وبه أساسُ الدين أي أساسِ

إن لم تجد للقاسياتِ مسهِّلا
جرِّده يسهل كلُّ صعبٍ قاسِ

وإذا تضايقت الأمورُ رأيتَه
حلاَّلُ مُشكلها بلا إلبــاسِ

لا مجدَ إلا إن شحذتَ حدودَه
بعظامِ مَن عاداكَ والأضراسِ

لا عِزَّ إلا إن غمدتَ حديدَهُ
في جُثةِ الباغينَ والأنجـاسِ

قَضتِ المعالي بالبَعادِ عنِ الذي
تُخطا مضاربُهُ أعالي الرَّاسِ

ما أبعدَ المجدَ الشريفَ منارُهُ
عن منزلِ العجَّازِ والأنكاسِ

اللؤمُ كلُّ اللؤمِ في شخصٍ غدا
مُتوحشاً بالعجز يوم الباسِ

جعلَ المذلةَ مركباً لسلامةٍ
قد ظنَّها والعارُ شرُّ لبــاسِ

ويكَ انتبه إن السَّلامةَ بابها
قرعُ الكتائبِ لا اشتمامَ الآسي

لا تحسبنَّ سلامةً موجودةً
إن لم تكُن في قطعِ رأسِ الآسي

إن العدو لَعِلَّةٌ إن لم تُداوى
أهلكت والسيفُ فهْو الآسي

يا لهفَ نفسي من همومٍ صيرت
قلبي بعظم مُصابهِ كالآسي

ولطــالما حملَ الهموم تجلدا
مما يعاني نيله ويُقـــاسي

ولقد بُليتُ بفقدِ سادات مَضَوا
ولهم من العَلياءِ طودٌ راسي

إن تنسب الأشراف منا للذرى
فلهم من الذَّرواء هامُ الراسي

قد كنتُ أرجو نصرَ دين محمد
في عصرِهم فمضوا فإبت بياسي

إلا إذا ما أدركتَه عنايـــةٌ
تمحو بواردها صـدى الأدناس

ولقد سبرتُ الناسَ طرا بعدهم
فرأيتُ شكواهم من الإفلاسِ

ورأيتُ قوماً منهمُ ركنوا إلى الرَّا
حاتِ فانقَسموا إلى أجناسِ

ما جئتُ شخصاً منهمُ مستنجداً
فرأيتُ منه نجدةَ الأكياسِ

ولقد سئمتُ من الإقامةِ بينهم
ورأيتُ خيرا منزلَ الأرماسِ

كيفَ المقام على تظاهُرِ مُنكر
وفسادِ أعيانٍ وقتلِ أنــاسِ

من عزَّ بزَّ ومن دَعا لكريمةٍ
يُقلى ويُرمى بينهم بخســاسِ

إن السَّلامة في اعتزالِ جميعِهم
لو صَحَّ ذلك للفتى النبراسِ