منار - يوسف الديك

نَسِيَتْ دربَ البيتْ
نسِيَتْ أن تَرجِعَ للبيتِ مساءً
الليلُ بساطٌ أسود، مدَّ أصابعهُ
وأشاعَ بكلِّ دروب الحيِّ/ العتمة
وانفرط كعقدٍ مقطوعٍ... عِقدُ السُّمارْ!!
قالَ أخوها
- "سأُرَبِّيها"
صاحَ أبوها في وجههِ محتَدَّاً
- اذبَحْها "يا إبن الـ..."
هرعتْ للمطبخِ أمُّ ضِرار
- هذا السكين
وهذا حجر النار
شَحذوها حتَّى ذابَ النصلْ
واقتعدوا درجاتِ السُّلمِ بالقمصانِ السوداءْ
والقهرُ... يُغلِّفُ بابَ الدَّارْ
لكنَّها... نَسِيَتْ أن تَرْجِعْ
مرّت سبعةُ أيام
مرّ العَرَّافون، رجالُ الشرطةِ
سياراتُ البَطِّيخ... عرباتُ الكاز
نُسِجَتْ في الحيِّ خيالاتٌ
عن لونِ الشرشف
وسائقِ مركبةٍ حمراء
رأته خديجةُ خلفَ الخروبةِ
"يتسلبد" بين الصّبّار
وأنهت أم جميل وصلتها
- لا يسلم الشرف الرفيع!!!
حتَّى زينب بلسانينِ وساقٍ واحدةٍ/ لَمزتْ
- فعلتها من سبع سنين، مريم بنت المختار
ولم ترجِع
بالصدفةِ لمّا كانت تعبثُ بالمذياعِ
سُريَّا... بنتُ الجارْ
قال مذيعُ النشرةِ
أهلاً.. نفتتحُ الموجزَ
بدءاً بأهمِّ الأخبارْ
عشرةُ قتلى
جرحى... رعبٌ استثنائيُّ.. حافلتان
تلك حصيلةُ نسفٍ استشهاديٍّ
واسمُ البنتِ "منار"
- أُختي
صاح سمير
من عمق الجمّيزَة صرخت
- بنتي
أمّ ضِرار
لكن في الركنِ الأيسرِ، خلفَ الباب
ظلَّت تبكي على النصلِ السكِّين
وظلَّ يواسيها... حجرُ النّارْ.