مجرّد وصف - عزالدين المناصرة

- أصف الزعرورَ،
أقولُ: رمادٌ أخضرُ، ينمو ﻓﻲ ذاكرتي
هذي الصفة الأولى، لغيابي.
وأقول بأنك يا بيروت، صليبٌ كُتِبَ علينا
هذي الصفة الثانية، لأحبابي.
أصفُ البلّوطَ،
أقول بأنكِ، جرحٌ مندملٌ مزروعٌ
ﻓﻲ زمن القهرِ،
وأنَّ رحيلَ الأشجارِ، عذابي.
أصفُ البحر، أقول بأن الأمواج الزرقاءْ
علاماتٌ، تتناثر جزراً ﻓﻲ النص المفتوح.
وأرى ﻓﻲ نجران، ندامايَ،
إذا داهمهمْ حزنٌ،
يمتشقون السيفَ، يقولونَ:
اقتربَ إيابي.
أبداً، تبقى المقصلةُ الأخويةُ،
غصناً، لجفافٍ يأتي
وأزيزِ النار.
غمغمةُ الطفلِ، إذا احتدَّ،
رأى الغيلانَ، تغنّي لمشاهدِ قتلٍ:
- يتقدمُ أحدُ الحرّاس، ليخلع عيني طفلٍ،
ﺛﻢ يجيء الآخرُ، يفتح نفقاً،
شلالَ دمٍ، ﻓﻲ جبهة طفل آخر.
هل أصفُ المشهد، كالتالي:
طفلٌ جاء من الأعشاش، القصديرِ،
التنكيةِ، يصطاد الرزقَ من الأسيادْ.
يأكله الهم، نهاراً، ليلاً
ويجوعُ، فيأكلُ قمحَ الغربةِ،
جدران المنفى، عطر الأجداد.
ويضاف لذلك، أن الطفل بكى
وتقدَّم للموتْ.
كان الفاشست، يُصلّون لربّ الحربِ،
ويقتلعون الزيتونْ.
فاجأه أحدُ الحراسِ، تسمّر فوق الإسفلتِ،
تدثَّر بالصمتْ.
أبداً تبقى القُبلةُ ﻓﻲ الحقلِ، كطعنة برقٍ، ﻓﻲ ذاكرتي،
وأناديكِ،
أَوَ لا يغويك نشيدي، ﻓﻲ آخر هذا الليلِ،
المفعم بالليمونْ.
الكُحْلُ بعينيكِ،
الرغبةُ ﻓﻲ أعينهمْ،
هل تتساوى الرغبةُ بالفعلِ،
الصُحفُ الملأى ثرثرة، بهديل حمامٍ ﻓﻲ غور أريحا.!!!
الزمنُ القادمُ فجرٌ صعبٌ،
مُهْرٌ روّضناه طويلاً
من بيروتَ ﺇﻟﻰ غزَّةْ.
بيتٌ قرب القرميدِ، على أشرعة الشربينْ.
ويطلُّ على البحرِ،
يعانقُ أشجارَ الأرز، ويحميني
من زخّات المطر، ومن دقّاتِ الشرطةِ،
فوق الأبواب البيضاءْ.
الشاعر لا يسكن ﻓﻲ زمنٍ، أوْ يأوي ﻓﻲ أمكنةٍ،
بل يقرع أبواب المُطلقْ
أزرق يا أزرقُ يا أزرقْ:
الجبلُ أمامي، والبحر ورائي،
والفرسُ الخضرا بين الأحراش السمراءْ.
هل أكتبُ أنَّ المنطقةَ العليا،
تعني المنطقة السفلى
هل أكتبُ أنَّ الليلَ، بياضٌ،
أن القمح رمادٌ،
أن الماء دمٌ،
والضحك بكاء؟؟
- ﻟﻢ يعلمْ أحدٌ ﻓﻲ الحارةِ،
أمي، لا تعرف أيضاً،
أني أسكن ﻓﻲ الحدّ الفاصلِ،
بين الحجر، وبين الأنواءْ.
بيتٌ قرب الغيلانِ،
يطلُّ على قلبي ﻓﻲ النصّ المفتوحْ.
وأبو الليل الأخضر، ذكّرني بالموتْ:
من يرقص تحت الشبّاكِ،
يغني للوطن الذابح والمذبوحْ:
- نيرودا، عصفورُ الحقلِ
على أشجار النخل،
أراه طريداً ﻓﻲ البيداءْ.
- غسّانُ، التحف الشالَ الأحمرَ،
مدّ جناحيه على المرجِ،
يداعب قُبّرةً،
وينادي: الماء الماء الماء.
أسألُ من يرويه، إذا نادى
ﻓﻲ آخر هذا الليل:
الماء الماء الماء !!
- هذا الأخضر، يرويه ويحميهِ،
إذا غضب المطرُ،
انشقَّ القمرُ،
ومن غير الأخضر، يروي الصحراء.!!!
لكنَّ الغيلان اقتلعتْ باب الدارْ
و (كفافي) ينتظر برابرةً قرب الأسوارْ
نامت فوق حرير أسرّته الكشميرْ
أمّا – جاك ﺑﺮﻳﭭﻴﺮْ
فتح القفص لعصفورْ
لكنَّ الغابة صارت
سجناً للعصفورْ.
يا زمني القاهر والمقهور.