مطار قلنديا - عزالدين المناصرة

كانت تجلسُ ﻓﻲ المقهى قرب الشرفة
الحلوةُ كانت تفتل قدميها تحت الكرسيْ.
تتزمَّلُ لوحةَ بيت المقدسْ
كالبلّوط المشويّ ضفائرُها، تتدلّى فوق كتابْ
وأنا أتهيأ كي أركب طائرةَ المنفى، آخر مرَّةْ
كانت أوَّل مرَّة.
كنتُ هجرتُ حقول التفاح الذهبيْ
كنت فتىً منعدمَ الْخبرةْ
لاحقها قلبي من أوّل نظرة
وأﺑﻲ فاجأها، فارتعشت كغزالٍ مذعورْ:
هل أنتِ ﺇﻟﻰ الفُسطاط تطيرينْ ؟؟
قالت بعد قليلٍ تلمحُني ﻓﻲ الريحْ
من أيّ المدن الخضراء عجينتكِ الخمريَّةْ ؟؟
قالت : من حارة مريامْ.
أوصاها بالولد الأندلسيِّ القادمِ من مقلع غرناطة
أوصاها بالولد العنب الدابوقي
مرَّت كفَّاها فوق ضفائرها ﻓﻲ خجل سرّيْ
نطقتْ أحرفها الأولى بعد رضاعتها الأولى
- ﻓﻲ عيني، ﻓﻲ البؤبؤ، فوق الرأسْ !!
ﺛﻢ ارتشفتْ كأس الليمونِ، عشقتُ أصابعَها
ﺛﻢ تولّهتُ بأغنية البلبل ﻓﻲ الأسنان الفضية.
كنتُ وحيداً لا أملك إلاّ تذكرةً وجوازَ سفرْ
ومفكرةً صفراءْ
تحمل أسماء الشعراء
حين وصلتُ ﺇﻟﻰ المنفى قالت ﻟﻲ: احذرْ
احذرْ أشواك المنفى الذهبيَّةْ
أذكُرْ داليةً تتشعبطُ من نبعٍ،
فوق سلاسل مريامْ
حين الهمُّ يحيطك، أذُكُرْ وردةَ مريامْ.
وبقيتُ أفتّش عنها
لكنْ مثل الجنيّة فرَّت كغزالٍ مذعورْ
وأنا أغرق ﻓﻲ عطركِ مريامْ .
- لن تتذكرني حلوة مريامْ
لن تتذكرني !!!
لا يعنيها الأمرُ الآنْ !!