قولوا لمقبرة الشهداء ... ألا يكفيك - عزالدين المناصرة

الليلةَ يبكي، فأُواسيهِ: غداً يأتونْ
من وادي الأنباط قوافلهمْ، تجري بمشيئةِ قلبي
قال: غداً يأتون من القلب المطعونْ
خاصمني العلّيقُ البريّ الحامضُ، خاصمني
ﻟﻢ يُكتبْ ﻓﻲ قائمة العشّاقْ
شاجرني الهُدهدُ قبل صهيل الأمواجْ
سجّلتُ قوادمَهُ والريشَ الكحليَّ
على ورق الكرم الغربيّْ
ونسيتُ بياضَ الريشْ
فاحتجَّ لدى السُلطات المعنيّة بالتفتيشْ
وتوالتْ قائمةُ الشهداءِ المغمورين ... وما تابوا.
ﺛﻢَّ مشينا ﻓﻲ الساحات المذعورةِ ﻓﻲ الأيام المقهورةْ
خافوا من عينيها السوداوينْ
خافوا من ثوب يتلالا ... كصهيل الماءْ.
هذا نُصبُ الجنديِّ المجهولْ
علّق من جانبهِ ﻓﻲ شكل سؤال محمومْ:
هل يُصبح نُصباً للجندي المعلومْ
لن يحدث هذا ﻓﻲ وطن الرومْ.
برلينُ الخضرا، قَسَمتْ ضحكتها نصفينْ
هاتيك البنت الألمانيّة، كانت ترقب، منعرجاتِ السوقْ
هاتيك البنتُ الألمانيّةُ، سحرٌ مَرموقْ
هاتيك البنتُ الألمانيّة، مدَّت كفَّيها للنهر وغنَّتْ للغابةْ:
- فرسي يَتَنَقَّلُ فوق برازخ من قشٍّ محروقْ
يا هذا الأسمرُ، عَرِّجْ نحو مفاتيح الأقفالْ
مُهْري حاصره البردُ صباحاً، فاختبأ المهر الورديْ
ﻓﻲ سلْع الروح وما بين الفرعينْ
علّق من جانبهِ: ما أحلى المدن السمراء.!!!
- أمّا ﻓﻲ بيروت المنقوشة ﻓﻲ مِشْماس السفحِ،
المرويّة بالقهر الدمويّْ
كان يُطَقْطِقُ بالبُسطار على أرصفة الحبِّ الغدَّارْ
ليُنسّقَ خبطته ﻓﻲ ظلّ نشيدٍ من نورْ
هل أنت هنا ... وشربنا، غنّينا لرحيق الأقداحْ
ﻓﻲ كفّيه – الكاميرا، ترتعشُ كعصفورْ
غنّينا أغنية جارحةً حارقةً، ﻟﻢ يألفها محمودْ.
- الآن نقول لمقبرة الشهداء المختفية ﻓﻲ أحراش الدارْ
يا مقبرة الشهداءِ المغمورينَ الجبّارين، أَغيثيني
أَ ... وَ ... لا، تكفيكِ أكاليلُ الغار!!!
أَ ... وَ ... لا، تكفيكِ مئاتُ قرابيني.!!!