وداع غرناطة - عزالدين المناصرة

ابْكِ مثل النساءْ
النساءُ تركن البكاءْ
ابكِ قرب الخليلْ
أيّها الهاربُ الذليلْ:
- أهجنا الدموع غِزاراً،
على مَفْرِقِ الدرب، عند الوداعْ
وجفَّ حليبُ النساء
وبعضُ الرجالِ بلا قَدَمٍ أو ذراعْ.
البلاد التي غابَ عنها الدليلْ:
البلادُ التي أصبحتْ لبني قَيْنُقاعْ
ورثتَ البلاد، التي كان ليمونُها من حليب السماء:
برتقال الجميلةِ، رُمَّانُ حيفا، سيوفُ القطاع
كرمةٌ تتدرَّجُ عبر سُهولِ البقاع
إذَنْ: من يسامحني ﻓﻲ منافي القِفارْ
إذنْ: من يودعني أو يرافقني ﻓﻲ القطار.
الدجاج الذي بين نار ... ونورْ
صار يرعى الفِتَنْ
ﻓﻲ حنايا القبورْ
القبائلُ صارتْ ترى تحت أقدامها،
عَلَفاً ... وبذورْ
القبائلُ صارتْ فروعاً تقاتلُ أغصانها ... والجذورْ.
إذنْ: ما الذي يجعل الورد ﻓﻲ صمته المندثرْ
فَرِحاً ﻓﻲ بياض الكَفَنْ
ابكِ مثل القبائلِ، شقشقةَ الصمتِ بين تلاع المطر
ابكِ مثل النساء قُصورَ الوَطَنْ
النساءُ تركن البكاء
ﺃﻟﻢ تشهد المذبحة ؟!!
لقمةُ الخبز مسمومةٌ جارحة
ﺃﻟﻢ تلمح الغدر يجري كنهر تدفّقَ ﻓﻲ المنحدرْ
ﺃﻟﻢ تشهدِ الشمسَ، مجروحةً ، ليلة البارحة.
برتقال المطر
شَقَّحوهُ بسيفٍ، فصرنا يتامى الحليب
وطالت شُعورُ الصبايا،
لَبِسنَ الحدادْ
قضين الشهور بلا زينةٍ، دون زادْ
حَمَلْنَ التشوُّقَ بين الضلوع، انتظرنَ المَعادْ
أدَرْنَ الخباء ﺇﻟﻰ الخلفِ، أغلقنَ بابَ الرجوعْ.
أيا طفلةَ النافذةْ
أيا طفلةَ القصرِ، هيّا افتحي:
فحمحمةُ الخيل سوف تهيجكِ،
هيَّا افتحي
تُباهين بالكُحل ﻓﻲ جفنك الجارحِ
ونحن نُباهي بأسيافنا المَِشْرفيَّةِِ، لكنّها من خَشَبْ
الكلامُ خُطَبْ
الهواءُ خَشَبْ
الطعام خَشَبْ
القلوبُ سماءٌ ترفرفُ، هيّا افتحي.
* * *
- (المهاجرون واضحون ﻓﻲ خيامهم
غربتهم خشب
الأنصار يتقلّبون من نشوة ﻓﻲ دخان الشواء
المهاجرون يتامى
الأنصار يتقلبون ﻓﻲ أسرّة الشوك والزِنْكِ والقصديرْ
الكلامُ حريرُ التلفزيون
الفعل لافتاتٌ، ودمٌ سريّ ﻓﻲ الأقبية.
يا موسى بن أﺑﻲ الغسان
يا غلطة الوداع يا شجرة الشقاق)(1) *
* * *
- ابكِ مثل النساء
النساء تركن البكاء
النساءُ تركن البكاء.