مقهى ريش - عزالدين المناصرة

رشرشرت النجمةُ أمطاراً حمراءْ
زهرةُ حنّون بريّةْ
تُلهِبُ قلبَ السفحْ
أغنية زرقاء
رائعة كالجرحْ
تتسلق ذيل الثوب الغجري
وعلى الصدر فراشاتٌ وبنفسجةٌ ﻓﻲ ياقة قَبَّتها
أما الخصر فقد وشّتْهُ بتوشيحِ حزامْ
من أفضل أنواع طيور الشام
الصنْدلُ مثلاً، والأبنوس السودانيْ
موزونٌ ﻓﻲ دبكتها لظريف الطولْ
القبَّةُ أفياءٌ، وعُروقٌ من عنبٍ مجدولٍ كالأفعى
قابِلْني خلف الدرج الوردي.
عيناكِ من الفلفل تفترعان قلوب العشَّاقْ
وغبارٌ تتركه فرس ﻓﻲ الخلفية حيث السهلْ.
العشّاق يتاماها، والشجر الواقف حيَّاها
الذئبُ الشاعر يرمقها ، يخنقه الغيظْ
ظلت تَجحرني، تفترس ضلوعي
تمعسني بين يديها، وتُفَتِتُني كالرمَّانْ
تدهسني بصهيلٍ، وهديلٍ فتَّانْ.
وأنا أرقبها ﻓﻲ كأسي الذبلان
كقتيلٍ. أرمقُ لوحةَ تشكيلٍ فوق جدار الحانة
ترتدُّ الغجريةُ ﻓﻲ قلب إطارٍ باردْ
صامتةً عُريانةْ.
غادرتُ الحانةَ نحو الميدانْ
حيث بطاقاتُ الألوانِ المتراميةِ الأطرافْ
تتجلى فوق الأرصفة على عُرس الأغصانْ
البائع ، فاجأني: خُذْ هذي الوردة
خُذها، وانشُرْها ﻓﻲ الريح
اربُطْها بأظافر زاجلةٍ تتقن فَكّ إشارات المنفى
قال الشاعرُ للشاعرْ:
سَئِمَ النادلُ منَّا، والبائعُ والليلْ:
(يأتيكِ يوم العيد مُسْتَبْشِرا
يدق باب البيت ... من يا ترى:
ساعي البريد.
تسارعين الخطو مستعجلة).
- بطاقةٌ يا حلوتي من طفلك البعيد
زهورُ وادي النيل قد أخصبتْ
وأقبل الحصيدْ
وعدتُ قبل الفجر يا حلوتي،
ألملم الأحزانْ
مكثت طول الليل ﻓﻲ غرفتي،
وأدمعتْ عينان !!!
شَقْشَقَ فجرُ الشعراء على المقهى
دخلتْ مولاتي ﻓﻲ شمس الثرثرة العرجاء
ﻟﻢ تعلم أنَّا شعراء
نعلم خافية الأعين، قال الشاعرُ للشاعرْ:
غجريةُ حائطنا صارت تمشي
اللوحةُ تمشي
الوردةُ تمشي
النخلةُ تمشي
النادلُ يوسفُ يمشي
فرسان الخلفيّةِ يمشونْ
لكنْ أين الساعي
كي يشهدَ
كيف بطاقاتُ المنفى تمشي !!!.