كنعان صابر لن يستنكر - عزالدين المناصرة

بابُ حديقتكم لا يُفتح، إلاّ للعشاق الحمقى:
- ﻓﻲ المجلس، كُنّا سبعةْ:
1. البِفْتُ الأبيضُ ﻓﻲ بصْماتِ العشّاق المرتحلينْ*
2. الحزنُ على وجه قرنفلة الصوّانْ
3. الكذبُ الرنّانْ
4. الصدقُ السرّيُّ المذبوح على نافذة الآراميّينْ
5. الورد النامي ﻓﻲ البستانْ
6. وصبايا، سلسلةٌ من ذَهَبٍ، قُرْب النبعَةْ
7. وأنا كنتُ ﻟﻬﻢْ واسطة العقْدِ (1)
حدّقت إليهمْ، غاب حبيبي، فجلستُ هنا وحدي
هرب الصدقُ من المجلس، ﻟﻤّﺎ حدّثتُ الباقينْ
وكذبتُ بأنَّ العِلّة تنمو ﻓﻲ جسدي
العِلّةُ أنتِ، غيابكِ، لستِ معي ﻓﻲ الضوءِ الأسودِ،
ليس هنالكَ من أحَدِ
رغم صياح السبعة ﻓﻲ حان البلدِ.
تدمع عيني وحدي،
أشكو وحدي،
أمشي ﻓﻲ الشارع ليلاً وحدي،
أسكر وحدي،
أشرب سمَّ العالم وحدي.
أزرع شجر الحبّ وحيداً،
ينمو شجر الحبّ وحيداً،
يثمر شجر الحبِّ، فيأكله غيري
أمنح فرحي غيري
ذلك أنّي معكمْ
رغم رحيلي ... وحدي.
القمر الأحمر ﻓﻲ جيبي
الزمن الأسود ﻓﻲ جيبي
يركض ﻓﻲ جيبي، ﺛﻢَّ ينام على كتفي المطعونْ
الجبل السحريُّ انشقَّ، انحدري، غوري ﻓﻲ قاع الطين.
كان الخاتمُ محفوراً ﻓﻲ قلبي، واسمكِ كان دليلي
ما اسمكِ لا أعرفُ ﻓﻲ هذي الصحراءْ
أعشق واحدةً لو قالتْ: هيّا، لشققتُ الأرض بسيفي
لهززتُ الأفق بصدري المكلومْ
خيلي تصهلُ، ردّي عنّي حوريّات النوم، انحدري ﻓﻲ القاعْ
قلبك خاصرةُ العالمِ، ينبضُ ﻓﻲ جذر أريحا الأولى
صوتكِ نهرٌ من دندنة القيثار الغجريّْ
وجهك تاريخي، طبقاتٌ رسموها فوق الأعمدة الناريَّة
سأغوص إليك، وأحلم أنّكِ أنت أنا، وأنا أنتِ
الشاطئ يغمرنا برذاذٍ، هل جرَّبتِ المنفى، هل جرّبتِ؟!!
كلبٌ ينبحُ قُدّام المقهى كالمقهورْ
القمرُ الأرنبُ يحرسنا تحت سوالف مريمْ
وجهك مولودٌ ﻓﻲ بركة قريتنا،
كنت أغمّسهُ عند العصرِ،
بعصير الرمّانْ
قلبي أطهر من رملٍ عذريٍّ،
أقسى حين أثور من الحجر الصوّانْ
أمشي، تمشين بقلبي، وتنامين على جفني
ارتحلي من روحي، يا أختا روحي
ما اسمكِ قبل قدومي، ما اسمك بعد قدومي ... روحي؟!!
ما اسمك حين تحبّين، وما اسمك قبل الموت، وبعد الموتِ؟!!
- باب حديقتكمْ، لا يُفتح، إلاّ للعشّاق الحمقى
أمّا الزعرور البريُّ، فيمشي ﻓﻲ غاب الشكِّ
فالتفتي نحو يتاماك الشعراءْ
مَنْ قطعوا سبع بحارٍ نحوك، يا شمسَ قلادتها انشكّي
ﻓﻲ أعناق زرافات السهل المغمورِ، أيا بنت البحر انشكّي
ﻓﻲ قاع البحر مع الحيتان سبحتُ، وسابقتُ خيول الدَرَكِ
الحبُّ الطالع، كالشجر الأخضر، ﻓﻲ باب حديقتكم، شجري
معترفٌ ﺑﻲ ﻓﻲ كل مكانٍ إلاّ ﻓﻲ دائرة الصوتِ
ذلك أنّي أجرحهمْ، من شدّة صمتي
صمتي يقتلهمْ، وأنا أركضُ مهموماً كالنعش الموتورْ
قلبي يتآكل مثل خرائطَ تذبل كالنبتِ
أسقيها دمعي ﻓﻲ كل صباح، وأُغنّي:
- هل تأتي الحلوةُ ... أم لا تأتي؟؟
تسْقُط أوراق الورد النامي ﻓﻲ قلب حديقتكمْ،
وأنا أتسلّى:
- هل تأتي الحلوة، أم لا تأتي؟
- تأتي
- لا تأتي
- تأتي
- لا تأتي
الحلوة يا منفى روحي، لن تأتي!!!
مُعترفٌ ﺑﻲ ﻓﻲ كل مكانٍ، إلاّ ﻓﻲ دائرة الصوتِ
ذلك أنّي منكمْ ولكمْ
رغم تفرّق أحبابي، رغم هدير الصمتِ.
أمشي ﻓﻲ شارعِ قوسِ المطرِ الساكتِ، إلاّ من سيّدة القلقِ
خلخالُ حبيبي رنَّ على وَهْج الحُرَقِ
وحبيبي يغربُ كالشَفَقِ
معترفٌ ﺑﻲ ﻓﻲ كل مكانٍ، إلاّ ﻓﻲ جامعة الشَبَقِ.
ناداني شرطيٌّ، بلّله مطرٌ حامضْ
أخرجتُ له وجهي، سمّيتُ له بلدي المحروسْ
قال: اخرسْ ... من أيّ قبائل حارتنا أنتْ؟؟؟
أطلقني، حين تأكّد أنّي قيدُ التجنيسْ!!!
ﻓﻲ شارعِ قوسِ المطرِ مشيتُ، ورافقني
الشاطرُ أحمدُ والغولْ.
أبكي ﻓﻲ حُلُمي الراعشِ كالعصفور المبلولْ.
قلبي حبَّةُ قمحٍ فوق النار تحومْ
وشفاهي أطلالٌ ورسومْ
وصهيلي مخنوقْ
ألهث خلف الهودج والفرس الأخضر والنوقْ
غاباتي صَدِئَتْْ أطراف خرائطها،
فتعلقت بأمي، كالطفل المشنوقْ
أركضُ خلف حبيبي، لكنّ حبيبي ينأى
يختبئُ وراء الغيم، ﻭﻓﻲ أدغال السوقْ
لو أنَّ الغاليةَ تراني
لبكتني صُبحاً، حضنتني كالبحرْ
غسلتني كالموج، رعتني كالمُهرْ
لكنّي ﻓﻲ غابٍ أنفيه وينفيني
يذبحني، أعبدهُ، لكنْ، يدميني
يا عاشق صوتك، كيف تخافْ
ﻓﻲ باب المنفى حوريَّة
شبعتْ من ثمر الأصدافْ
لتعوم ببحر شراييني
قد جاءت، قل ﻟﻲ: يا صفصافْ
من أين حبيبي يأتيني؟؟؟
يأتيني من وادي القمر الأزهرْ.
لو تسمع رجْعَ حنيني
حبٌّ أنفيه وينفيني
وطنٌ أنفيه وينفيني.
- ينسحبُ العاشقُ من حفل الأضواءْ
يتركُهُمْ ﻓﻲ قاعِ دخانِ الكلماتِ الصفراءْ
يهربُ تحت رذاذ الضوْءِ وتفتِنُهُ الأنواءْ
يغسلُ روحاً متعبةً ﻓﻲ هذي الصحراءْ
مَنْ ينقذني من هذي الصحراءْ.
__
(1)كنا ننتظر غيابكِ كي يحضُرَ، حفْلَ نبيذٍ مجنونْ
ننتظرُ الفتنةَ، حتى تأتي بكشاكشها، ضحْكتها،
حين تُجلجل أو تهمسُ، أتخلخلُ كقطيعِ مُجونْ
ﺃﻧﻬﺎرُ، لساني ينعقدُ، أخونْ
وعْداً، كنتُ كتبتُ أمام حبيبي.