وهل بقيت ْ في المدينة حدائق ُ - عزالدين المناصرة

(إلى ... برتولد بريشت).
1. تركة:
أطلعني أﺑﻲ على وصيّتهِ لنا
كان نصيبي منها ... أيّها السيّد
رسالةً ... تتنبأ ﻟﻲ، بمنفىً جديد
منفىً جديد، أيّها السيّد!!!. (1)
2. توفير:
طلقتان ﻓﻲ الرأس، لا تكفيانْ
عاجزاً سأكونْ عن الطلقة الثالثة.
ﺛﻢ فجَّر طلقته الواحدة
كي يوفّر ﻓﻲ لحظةٍ، طلقتينْ
كي يوفّر للشعراء – الذي يرغبونْ.
3. مُتحف قانا:
قانا ... يا ... قانا ... يا قانا
ثدياكِ مِشمشٌ، أمعسهما، كقمر الدين
قانا يا قانا يا قانا
هل محوا آثاري، تحت قُرميّة الزيتون؟!!
قانا يا قانا يا قانا
هل اعتصروا نهديك، حتى فزَّ الدم؟!!
قانا
ﺃﻟﻢ أقل لك ذلك من قبل.!!
4. إعادة صياغة:
ما اسمك أيتها السيّدة؟
- عندليب الصباح، أيها السيد.
- فمها، كخاتم سليمان،
ساقاها، كغزال شارد ﻓﻲ البريّة،
- سأشتري الثمار كلها ... يا سيّدتي،
فَرِحتُ، وأنا أحمل سلالي، وراء السيّد.
- واحسرتاه، ممزقّة الأثداء، عادت سيّدتي
لكنْ ... شامخة الرأس.
5. ﭭﻴﺯﺍ:
يا لسمرتي الحزينة،
توقفني دائماً ﻓﻲ آخر الطابور.
يا لجذوري المرتوية بالدم،
تمنعني دائماً، كأنني شُبْهةٌ متنقلة.
آه يا سيّدي، لو كنت سائحاً أشقر
ما رأيكَ يا شرطيَّ الحدودْ،
لو صِرْتُ سائحاً أشقر!!.
6. طفولة:
عِمي صباحاً ... يا عصافير الخليل
ورفرفي ... على الصخور الجبلية
ناصبُ الفخاخ ﻓﻲ المنفى.
أمّا الأعداءُ، فهم لا ينصبون الفخاخْ
لأنهم يحبّون القتلَ بالوسائل الحديثة.
7. مزاج السيّد:
لنفترضْ، لنفترض، لنفترضْ،
مثلاً، مثلاً، مثلاً:
أنَّ مزاج السيّد،
كان مُعتكراً، ﻓﻲ ذلك الصباح
لنفترض،
بأنَّهُ ... أعادني من المطار، بتهمة الوقار.
لنفترضْ،
أنني مازحتُهُ، بنكتةٍ ملغومة.
- ستذهبين ﺇﻟﻰ البحر، وتغتسلين منّي.
هل تذكرين،
حين مَصْمَصْتُكِ، مثل أجنحة الدجاج.
8. دعايات:
قال الذي سيُعدم غداً للجلاّد:
هل تمنحني قلماً ... وورقة؟
صرخ الجلاد: ممنوعٌ طبعاً، ممنوعْ
القانون الدوليُّ، يحرّم ذلك.
- لكنهم ﻓﻲ بعض سجون العاﻟﻢ
يعطون ورقة، وقلماً ... وجرعة ماء
- تلك دعاياتٌ ... لا تصدّق ذلك!!!
لا تصدّق ذلك، أيها السيّد.
9. يحدث دائماً:
كم أنت لئيمٌ، أيها البحر
الماءُ يدلف من كفّيكَ ﺇﻟﻰ ساقيها.
كنتُ أُزغْزِغُ، ما بين الأُذنينْ
وأُجاملُ ما بين الساقينْ
جاء الرجل الآخر، بعدي، مَزْهُوّاً
فَتَوَهَّمَ أنَّ هذا ... يحدث لأوَّل مرّة!!!
10. أعذار:
ليس ﻟﻲ رغبةٌ ﻓﻲ الموت، أيُّها السيّد:
- لأنَّ لديَّ أعمالاً، لا تُحصى:
الغرفةُ تحتاج للتنظيف،
رسائل أمّي، ﻟﻢ تصل بعد،
عيني اليُسرى ترفّ،
فقد تجيءُ جفرا القتيلةُ، غداً.
11. ديا لكتيك:
أغربُ ما ﻓﻲ هذا الكون الفاني
أنْ أفنى أنا ... ويبقى الكون الفاني.
قلبي يحدثني، أيها السيّد
بأنّني سأصبح، داليةً ﻓﻲ الخليل،
أو زيتونةً ﻓﻲ بيت لحم،
أو مطعماً بحرياً ﻓﻲ حيفا،
أو أَرْزَةً ﻓﻲ أعالي لبنان،
أو كتابة ﻓﻲ نصوص رأس شمرا،
أو قلعةً ﻓﻲ الكَركْ،
- سأتحول ﺇﻟﻰ داليةٍ، تتشعبط أسوار مريامْ
ما رأيك أيها السيّد؟!!
12. سياحة:
- أيّها السيّد، أيها السيد، أيّها السيّد ...
صاح ﺑﻲ، سائحٌ قادمٌ من بلاد النخيل
- هل تتكلم العربية؟
قلتُ: يا سيّدي، صُغتُها،
قبل أن يُدرّسَها الآخرون
- مطعماً من نبيذ بلادي، أريدْ
قلتُ له: اسمعْ، أيها السيّدْ
عُدْ إلى بلادك، لا تبحث عن التشبيه!!!
13. افتراض:
أفترض أحياناً، ما يلي:
ماذا كان سيحدث، يا تَرى
لو أنَّ امرأةً ... مثلاً،
لو أنَّ قصيدةً جديدةً ... مثلاً،
هبطتا ﻓﻲ ليلة المجزرة
على فلاديمير ... ما ... يا ... كو ... فسكي
ماذا كان سيحدث ... يا ترى؟!!!
14. استفزاز:
أيُّها السيّد، أيّها السيّد ...
لماذا تسكر هنا؟؟
- ﻟﻢ أذق الخمر ﻓﻲ حياتي ... أيها السيّد.
- إذن ... لماذا تبول ﻓﻲ حدائق المدينة؟؟
- وهل بقيت ﻓﻲ المدينة، حدائقُ أيّها السيّد!!!
- إذن ... لماذا تنصب خيامك ﻓﻲ الملعب البلدي؟؟
- لأنهم احتلّوا، مسقط رأسي، أيها السيد.
- عُدْ ﺇﻟﻰ مسقط الرأس، أيها السيد.
- وهل تركتم ﻟﻲ، رأساً، أو مسقطاً ...
يا أولاد الأفاعي؟!!!
15. (شجاعة !!!):
ﻓﻲ مقعدٍ واحدٍ، جلسنا ...
نظرتُ باشتهاءٍ، ﺛﻢَّ واصلتُ صمتي،
أغلب الظنّ، أنّها قد فعلتْ مثلي،
وعندما توقف القطار، ﻓﻲ المحطة الأخيرة
جمعتُ شجاعتي، وقلت واثقاً: أيتها السيّدة
وداعاً وداعاً وداعاً،
أيتها الفتنة المسافرة.!!
فدهشتْ السيّدةُ من أمر السيّد
ودُهشَ السيّدُ من أمر نفسه.!!
16. استنفار:
منذ ثلاثين سنة ... أيّها السيّد
ونحن نَسْتَنْفِرُ القلب.
حين تأتيك الحراب، من خلفك، ومن قُدّامك
تأتيك من شمالك، تأتيك من يمينك؟؟!!!
- أجلسُ القرفصاءَ ... حتى تمرّ العاصفة.
- وإذا هاجمتك الحراب من نهر شرايينك!!!
- أسْتَنْفِرُ عليها، جمجمتي.
- وإذا غَدَرتْكَ الحرابُ من الجُمجُمة!!
- أستنفرُ عليها القلب.!!
- منذ ثلاثين، ونحن نستنفرُ القلب.!!
نستنفر البرتقال ﻓﻲ سلال الرحيل الطويل
بعد ثلاثين هزيمة.!!!
___
(1) اختتم المخرج الأمريكي الشهير، أوﻟﻴﭭﺮستون، فيلمه السينمائي: (شخصٌ غير مرغوب فيه)، 2003، ﺑﻬﺬﺍ المقطع الشعري، ﻓﻲ ترجمته الفرنسية، على لسان الفلسطينية مدام بلانش.