مع سنابل القمح - فدوى طوقان

أوت الى الحقل كطيف كئيب
يرسو بعينها أسى غامر

في روحها اللهفى اضطراب غريب
وقلق مستبهم ، خائر . . .

غامضة ، في العمق أغوارها
فيض انفعالات وإحساس

صيّرها شذوذ أطوارها
غريبة في عالم الناس

تأملت في السنبل الوادع
يموج في الحقل زكيّا نماه

تكاد في سكونها الخاشع
تسمع في السنبل نبض الحياه

وفي رؤى خيالها الشارد
منجذباً بروعة السنبل

لاحت لعينيها يد الحاصد
يخفق فيها شبح المنجل

رأت رغيفا جبلته دموع
دموع مكدودين مستضفين

أنضاء حرمان وبؤس وجوع
هانوا على الرحمة والراحمين

رأته في كفّ غنيّ بخيل
سطت عليه يده الجانيه

الخبز في كيانه يستحيل
خلجات شح كزّةً قاسية

ومدّت الأفكار أظلالها
فلم تزل شاخصة في وجوم

من أبصر استغراقها خالها
مخبولة تهيم فوق الغيوم

كانت تناجي ما وراء الفضاء
قوى القضاء الغامض المبهم :

من يمطر الرزق على ذي الثراء
ويمسك الرزق عن المعدم ؟

كم بائس ، كم جائع ، كم فقير
يكدح لا يجني سوى بؤسه

ومترف يلهو بدنيا الفجور
قد حصر الحياة في كأسه

أرحمه الله بعليا سماء
تقول أن يكتظّ جوف الثري ؟!

ويحرم المعوز قوت الحياة
في عيشه المضطرب الأعسر

أليس في قدرته القادره
أن يمسح البؤس ويمحو الشقاء !

أليس في قوّته القاهره
أن يغمر الأرض بعدل السماء !

وراعها صوت عميق مثير
جلجل فيها مثل صوت القدر :

لم تحبس السماء رزق الفقير لكنه في الأرض ظلم البشر . .

وأطرقت ، نهباً لشك مريب
يملؤها منه أسىً غامر

في روحها اللهفى اضطراب غريب
وقلق مستبهم ، حائر!..