دوامة الغبار - فدوى طوقان

عامٌ قريب
كانت حياتي قبله
شبحاً يدب على جديب
متعثراً بالصخر ، بالأشواك
بالقدر الرهيب
حتى رآك
روحي تهل على كآبته
فتترعه يداك
فرحاً و اشعاعاً غريب
عامٌ قصير
سرنا معاً فيه على دربي الوعير
جنباً الى جنب ، و ملء عيوننا
دفء الشعور
و العاطفة
و إذا الحياة على صدى
خطواتنا المتآلفة
خضراء تورق في الصخور
عام و مر
و دجا غبارٌ حولنا
هاجت به ريح القدر
و تلمستك يدي و في عيني ليل معتكر
و ارتاع قلبي
رجعت إلي يدي ميبّسة الدماء
بثلج رعبي لا صوت منك و لا أثر
و وقفت وحدي
في وحشة التوهان . في يتم الغريب
وقفت وحدي
تصطك روحي في فراغ الدرب من ذعر و برد
و على فمي
إشراقةٌ ماتت . و في قلبي
تنبؤ ملهم
أني سأبقى العمر وحدي
لا تبعد
و بعثتها من غور يأسي
في الفضاء المربد
و بقيت أهتف من قرارة وحشتي :
تبعد
نا خائفة
لمبي الوحيد يحسّ ، يسمع
مدمات العاصفة
ملف الفراغ الأسود
أمسك يدي
سر بي ، غبار الأرض منعقدٌ على دنيا غدي
يعمي خطاي المجفلات على طريقي الموصد
هذا الغبار
دوّامة دارت بها حولي
أعاصير القفار
تلوي بعمري المجهد
كيف الهروب
و العاصف الجبار يسقي الدرب وحشي الهبوب
شرس الجناح يسوط أقدامي
على القفر الرهيب
و الهاوية
تصغي على البعد القريب
إلى صدى أقداميه
بين التواءات الدروب
لا تبعد !
و بقيت اصرخ من قرارة وحشتي :
لا تبعد !
فتبدّد الريح النداء مع الصدى المتدّد
و بقيت وحدي
حيري ، أدور ، أصارع الدوامة الهوجاء
وحدي
عبر الطريق الموصد