من وراء الجدران - فدوى طوقان

من وراء الجدران

بنته يد الظلم سجناً رهيباً
لوأد البريئات أمثاليه

وكرّت دهور عليه وما زال يمثل كاللعنة الباقيه

وقفت بجدرانه العابسات
وقد عفّرت بتراب القرون

وصحت بها : يا بنات الظلام
ويا بدعه الظلم والظالمين

لعنت ؛ احجبي نور حريتي
وسدّي عليّ رحاب الفضاء

ولكن قلبي هذا المغرّد
لن تطفئي فيه روح الغناء

فقلبي يد الله صاغته لحناً
تدفقّ من عمق نبع الحياه

ورغم شموخك يا مجرمات
يرنّ على كل أفق صداه

لعنت ؛ اختفي كل حلم ينضر قلبي ويغذوه عطراً ونور

فأحلام قلبي لن تنتهي
ولو حجبته زوايا القبور !

وإني وإن أوثقتني لديك
بألف وثاق أكفّ الغباء ..

فلي من خيالي وفنّي ودنياي ألف جناح وألف سماه

ألا كم براعم قلبي نمتها
لديك هنا لعنات القدر

ذوت تحت أصفادها وانحلت
على ذاتها أملأ منتحر

كما انحطم الناي واللحن فيه
حبيس فما رفّ يوماً بفم

كذلك كانت تموت وفيها
نشيد الحياة حبيس النغم

وكانت تموت وفي قلبها
خيال الغدير وصوت الخرير

وأنت هنا كالألى شيّدوك
أنانيةٌ مات فيك الشعور

لعنت ، سواي أمامك تعنو
وتخرسها غضبات الطغاه

ولكن مثلي ستبقى برغمك
بنت الطبيعة ،بنت الحياه!

أغني ولو سحقني القيود
أغاريد نفسي وأشواقها

تبارك لحني أمي الحياة
فلحني من عمق أعماقها