أشواق حائرة - فدوى طوقان

ماذا أحس ؟ هنا ، بأعماقي
ترتجّ أهوائي و أشواقي

بي ألف إحساس يحرّقني
متدافع التيار ، د فّاق

ألف انفعال ، ألف عاطفة
محمومة بدمي ، بأعراقي

ماذا أحسّ ؟ أحسّ بي لهفاً
حيران يغمر كلّ آفاقي

جفت له شفتاي و ارتعشت
أظلاله العطشى بأحداقي

نفسي موزّعة ، معذّبة
بحنينها ، بغموض لهفتها

شوقٌ إلى المجهول يدفعها
متقحمّاً جدران عزلتها

شوقي الى ما لست أفهمه
يدعو بها في صمت وحدتها

أهي الطبيعة صاح هاتفها ؟
أهي الحياة تهيب بابنتها؟

ماذا أحسن ؟ شعور تائهةٍ
عن نفسها ، تشقى بحيرتها

قلبي تفور به الحياة و قد
عمقت ومد ّت فيه كالامد..

فتهتزّ أغواري نوازعه
صخّابةً ، فاقة المدد

و يظل منتظراً على شغف
و يظل مرتقباً على وقد

أحلام محروم تساوره
متوحد في العيش منفرد

و يود لو تمضي الحياة به
للحب ،مصدر فيضها الابدي!

و هناك تومىْْْءلي السماْْْْْْْْء وبي
شوق إليها لاهف عارم

فأحس إحساس الغريب طغى
ظمأ الحنين بروحه الهائم

و أرى كواكبها تعانقني
بضيائها المترجرج الحالم

تهمي على روحي أشعتها
وتلفّه بجناحها الناعم

فأودّ لو أفنى و أدمج في
عمق السماء و نورها الباسم

مالي يزعزعني ويعصف بي
قلق عتيٌ جائح الألم

تتضارب الأشواق حائرة
في غور روحي ، في شعاب دمي

الأرض تعلق بي و تجذ بني
و تشدّ قبضتها على قد مي

و هناك روحي هائم شغف
بالنور فوق رفارف السدم

مستحقراً الأرض ، تفزعه
دنيا التراب ، وهوّة العدم

روحي يلوب بدار غربته
عطشاً الى ينبوعه السامي

فهناك أصداد يسلسلها
صوت السماء بروحي الظامي

وهنا ،هنا ،الأرض يهتف بي
صوت يقيّد خطو أقدامي

صوتان .. كم لجلجت بينهما
يتنازعان شراع أيامي

أنا كيان تائه قلق
يطوي الوجود حنانه الظامي !