الغد لنا - إيليا أبو ماضي

تبدّل قلبي من ضلالته رشدا
فلا أرب فيه لهند و لا سعدى

و لم تخب نار الوجد فيه و لا انطوت
و لكن هيامي صار بالأنفع الأجدى

و ما الزهد في شيء سوى حبّ غيره
أشدّ الورى نسكا أشدهم وجدا

أحبّ سواي العيش لهوا وراحة
و انكرته لهوا فأحببته كدّا

و ما دام في الدنيا سمو ورفعه
فما أنا من يرضى و يقنع بالأردا

...

هو الموت أن نحيا شياها وديعه
و قد صار كلّ الناس من حولنا أسدا

و أن نكتفي بالأرض نسرح فوقها
و قد ملكوا من فوقنا البرق و الرعدا

و أن ينشروا في كلّ أفق بنودهم
و أن لا نرى فوق السّماك لنا بندا

...

تأملت ماضينا المجيد الذي انقضى
فزلزل نفسي أنّه انهار و انهدا

و كيف امّحت تلك الحضارات كلّها
و صارت بلاد أنبتتها لها لحدا

و صرنا على الدنيا عيالا و طالما
تعلّم منا أهلها البذل و الرفدا

و نحن الألى كان الحرير برودهم
على حين كان الناس ملبسهم جلدا

...

إذا الأمس لم يرجع فإنّ لنا غدا
نضيء به الدنيا و نملأها حمدا

و تلبسنا في الليل آفاقه سنا
و تنشرنا في الفجر أنسامه ندّا

فإنّ نفوس العرب كالشهب ، تنطوي
و تخفى ، و لكن ليس تبلى و لا تصدا

و مثل اللآلي لا يخيس جمالها
و إن هي لم ترصف و لم تنتظم عقدا

إذا اختلفت رأيا فما اختلفت هوى ،
أو افترقت سعيا فما افترقت قصدا