التمثال - إيليا أبو ماضي

من المرمر المسنون صاغوا مثاله
و طافوا به من كلّ ناحية زمر

و قالوا – صنعناه لتخليد رسمه ،
فقلت – ألا يفنى كما فنى الأثر ؟

و قالوا – نصبناه اعترافا بفضله ،
فقلت إذن من يعرف الفضل للحجر ؟

و قالوا – غنيّ كان يسخو بماله
فقلت لهم هل كان أسخى من المطر ؟

و قالوا – قويّ عاش يحمي ذمارنا
فقلت لهم كان أقوى من القدر ؟

أكان غنيّا أو قويّا فإنّه
بمالكم استغنى و قوتكم ظفر

فلم يتعشّقكم و لا همتم به
كما خلتم لكنه النّفع و الضرر

و لم ترفعوا التّمثال للبأس و النّدى
و لكن لضعف في نفوسكم استتر

فلستم تحبّون الغنيّ إذا افتقر
و لستم تحبّون القويّ إذا اندحر

رأيتكم لا تعرجون بروضة
إذا لم يكن في الروض فيء و لا ثمر

و لا تعقلون الشاة إلاّ لتسمنوا ،
و لا تقتنون الخيل إلاّ على السفر

إذا كان حبّ الفضل للفضل شأنكم
و لم تخطئوا في الحسن و السّمع و البصر

فما بالكم تكرموا اللّيل و الضّحى
و لم تنصبوا التّمثال للشمس و لاقمر ؟