مرآة الغرب - إيليا أبو ماضي

سلام عليها طفلة و فتيّة
كزهر الربى البسّام باكره القطر

كعاب تلاقى الحسن و الفضل عندها
كما يلتقي في الصفحة السّطر و السطر

لها صولة الأبطال إن حمس الوغى
و فيها حياء البكر عمّا به وزر

و فيها من الشيخ الحكيم وقارة
و فيها من الخود الملاحة و الطهر

ألا إنّ حسنا لا يرافقه النّهى
و إن دام يوما لا يدوم له قدر

....

هي الروض فيه النبت و الندّ و الندى
و فيه الشوادي المطرباتك و الزهر

هي الشمس تبدو كل يوم جديدة
يروح بها ليل و يأتي بها فجر

لكلّ فتاة خدرها و سوارها
و لكنّ هذي كلّ قلب لها خدر

يريد سناها الطيّ و النشر رونقا
و يخلق حتّى المصحف الطيّ و النشر

أنيس الفتى إن غاب عنه أنيسه
و أنجمه إن غابت الأنجم الزهر

و سفر تلذّ المرء محتوياته
إذا لم يكن في البيت ناس و لا سفر

إذا رضيت فالنور في كلماتها
و إن غضبت فهي الأسنّة و الجمر

و في كلّ حرب يعقد الحقّ فوقها
أكاليل نصر يشتهي مثلها البدر

و لا غرو إن عزّت وهان خصومها
فللحقّ مهما جعجع الباطل ، النصر

فكم مرجف أغراه فيها سكوتها
فلمّا أهابت كاد يقتله الذعر

و كم كاشح غاو أراد بها الأذى
ثنى طرفه عنها و في نفسه الضرّ

لها في ربوع الشرق جيش عرمرم
و أعوانها في الغرب ليس لهم حصر

و لو كان في المرّيخ أرض و أمّة
لكان لها في أرضه عسكر مجر

لتسحب ذيول الفخر تيها فوحدها
يحقّ لها ما بين أترابها الفخر

و لا غرو إن أهدى لها الشعر وحيه
فيا طالما سارت و سار بها الشهر

و لا غرو إن صغنا لها النثر حلية
" ففي عنق الحسناء يستحسن الدرّ "

و إن يكن الأحرار من نصرائها
فكم نصر الأحرار صاحبها الحرّ

أديب عفيف قلبه و يراعه
بغيض إليه الطيش و الفيش و الهجر

ثمان و عشر و هو يخدم قومه
ألا حبّذا تلك الثّمانيّ و العشر

ففي العسر لم يجهر بشكوى لسانه
و في اليسر لم يلعب بأعطافه الكبر

وشرّ المزايا أن يصيبك حادث
و تجهر بالشكوى و في وسعك الصّبر

أهذا كمن يمسي و يضحي معربدا
و قدّمه طبل و من خلفه زمر ؟

أهذا كمغتاب يروح و يغتدي
و في نطفة شرّ و في صمته شرّ ؟

أهذا كمفطور على الشرّ و الأذى
أحاديثه نكر و أعماله نكر ؟

أهذا كأفعى همّها نفث سمّها
و نهش الذي تلقى و لو أنّه صخر

أكمن إلى الوزر عامدا
و يضحك مختالا إذا مسّه الوزر ؟

أهذا الذي قد حارب المكر جهده
كمن شاب فوداه و ديدنه المكر ؟

إذا الدهر لم يعرف لكلّ مكانه
إذن قل لأهل الدهر قد فسد الدهر