العميان - إيليا أبو ماضي

كم خفضنا الجناح للجاهلينا
و عذرناهم فما عذرونا

خبّروهم ، يا أيّها العاقلونا

إنّما نحن معشر الشعراء
يتجلّى سرّ النبوّة فينا

*

ذكّروهم ، فربّ خير كبير
فعلته الهداة بالتّذكير

إنّما الناس من تراب و نور

فبنو النّور يعبدون النورا
و بنو الطين يعبدون الطينا

*

قيل عنّا قصورنا من هباء
تتلاشى في ضحوة و مساء

أو سطور بالماء فوق الماء

لوسكنتم قصورنا بعض ساعة
لنسيم شهوركم و السنينا

*

لو دخلتم هياكل الإلهام
و سرحتم في عالم الأحلام

و اجتليتم سرّ الخيال السّامي

و عرفتم كما عرفنا الله
لخررتم أمامنا ساجدينا

*

قد سقتنا الحياة كاسا دهاقا
حسنت نكهة ، و طابت مذاقا

و سقينا ممّا شربنا الرّفاقا

فتركناهم حيارى سكارى
يتمنّون أنّهم لا يعونا

*

همّكم في الكؤوس و الأكواب
آه لو كان همّكم في الشّراب

لطرحتم ! عنّكم قيود التّراب

و شعرتم بلذّة أو عذاب
هذه الخمر ليتكم تشربونا

*

أتقولون إنّه مجنون !
أتقولون أنّه مفتون !

أتقولون شاعر مسكين !

كم مليك ، كم قائد ، كم وزير
ودّ لو كان شاعرا مسكينا ؟

*

عاش " ملتن " فلم يكن مذكورا
و هوميروس " كالشّيخ " كان ضريرا

و لقد مات " ابن برد " فقيرا

أرأيتم كما رأى العميان ؟
أفلستم بنورهم تهتدونا ؟