بلادي - إيليا أبو ماضي

إنّي مررت على الرياض الحالية
و سمعت أنغام الطيور الشادية

فطربت ، لكن لم يحبّ فؤادية
كطيور أرضي أو زهور بلادي

و شربت ماء النيل شيخ الأنهر
فكأنّني قد ذقت ماء الكوثر

نهر تبارك من قديم الأعصر
عذب ، و لكن لا كماء بلادي

و قرأت أوصاف المروءة في السير
فظننتها شيئا تلاشى و اندثر

أو أنّها كالغول ليس لها أثر
فإذا المروءة في رجال بلادي

ورسمت يوماً صورة في خاطري
للحسن ، إنّ الحسن ربّ الشاعر

و ذهبت أنشدها فأعيا خاطري
حتّى نظرت إلى بنات بلادي

قالوا : أليس الحسن في كلّ الدنى
فعلام لم تمدح سواها موطنا

فأجبتهم إنّي أحبّ الأحسنا
أبدا ، و أحسن ما رأيت بلادي

قالوا : رأيناها فلم نر طيّبا
و لّى صباها و الجمال مع الصّبا

فأجبتهم : لتكن بلادي سبسبا
قفرا ، فلست أحبّ غير بلادي

قالوا : تأمّل أيّ حال حالها
صدع القضاء صروحها فأمالها

ستموت ... إنّ الدهر شاء زوالها
أتموت ؟ كلّا ، لن تموت بلادي

هي كالغدير إذا أتى فصل الشتا
فقد الخرير و صار يحكي الميتا

أو كالهزار حبسته ... لكن متى
يعد الربيع يعد إلى الإنشاد

ألكوكب الوضّاح يبقى كوكبا
و لئن تستّر بالدجى و تنقّبا

ليس الضباب بسالب حسن الرّبى
و البؤس لا يمحو جمال بلادي

لا عزّ إلاّ بالشباب الراقي
ألناهض العزمات و الأخلاق

ألثائر المتفجّر الدفّاق
لولاه لم تشمخ جبال بلادي