يا معهداً بك جيد العلم يزدان - ابراهيم الأسود

يا معهداً بك جيد العلم يزدان
سقاك سار من الوسمي هتان

ستين عاماً ونيفاً قد قطعت ولم
تبرح وانت على العرفان اعلان

كفاك ان ثيوفيلا بناك كما
قد شاد هيكله قدماً سليمان

بناك معجزة في الدهر خالدة
ينحط عن شأوها في الفخر غمدان

امام فضل فكم ابقت صنائعه
ذكراً يردده بالحق لبنان

وفوق رمس طواه كل شارقة
يتلى مدى الدهر انجيل وقرآن

اضحى مزار بني لبنان قاطبة
يؤمه كل يوم منه ركبان

وكم اتى من رئيس بعده يقظ
يرعاك في الدهر طرف منه يقظان

كمثل ناش الذي في كل آونة
لنا على فعله المشكور برهان

يا جنة من جنان العلم ناضرة
يزين روضاتها حورٌ وولدان

للناشئين بها والناشئات حمى
من دونه منعةً رضوى وثهلان

كم ناشئ منهم صادٍ وناشئةٍ
قد آب وهو بماء الفضل ريان

في جنة الخلد رضوان وكل فتى
يأوي حدائقك الغناء رضوان

لقد رعيت المنى دهراً وكم بسقت
في روضك الغض للآداب اغصان

أخصبت بالعلم والاخلاق زاكية
فاخصبت بك الباب واذهان

نشرت للفضل في لبنان الوية
فكم تفيأ منها الظل انسان

فيك الاساتذة الغر الذين همو
بين الجهالة والعرفان فرقان

ان ينظموا نظموا سحراً وان نثروا
فان منثورهم در ومرجان

كم وادرٍ يحرك الفياض اصدره
وملء جنبيه ارشاد وعرفان

ويا محجة اهل العلم كلهم
ما إن سواك لعين العلم انسان

كفاك انك للساري منار هدى
وبدر تمك لا يعروه نقصان

امامك البحر مرهوب الجلال ومن
امواجه لك تهيام وتحنان

قد راح يرمق طوداً قد اقمت على
سامي الذرى منه شزراً وهو غير ان

كانما انت عين الدهر باصرة
وناضر الشجر الملتف اجفان

وفيك اضحت برمانا سماء علا
هيهات يرقى لها في الدهر كيوان

اكرم بها بلداً يكسو منابتها
ارز نضير ونسرين وريحان

صحت بها انفس من جهلها وبها
صحت من السقم ارواح وابدان

والماء فيها من المنبوخ حين جرى
لم يبق من دوحها في الروض عطشان

مصيفها خير مصطاف تحج له
من كل فج زرافات ووحدان

كذاك معهدها السامي يقل له
بين المعاهد امثال واقران

ما زال رمزاً على ان الخلود لما
قد شاده في الورى بر واحسان