جنين - إبراهيم محمد إبراهيم

(1)
دجاجات أمِّ الشهيدِ ،
ستنقُصُ واحدةً ..
بعدَ يومٍ أو اثنين ِ .
والغيمُ ، سوفَ يُطوّقُ
ألفَ حمامةْ .
فها هي ذي الحافلاتُ تُعربِدُ
والطّفلُ ،
منذُ الصّباح ِ ،
يُعِدُّ حِزامهْ .
(2)
بعينيكِ كنتُ أرى ماترينْ
وأسمعُ ما تسمعينْ
أشُمّكِ طَلْعاً
يُعطّرُ خُلوتِيَ البائسةْ .
وألمحُ فيكِ خُطىً ،
تتقدّمُ خُطوتِي اليائسةْ .
وأنزِفُ من جُرحِكِ الأزلِيّ
الذي تنزفينْ .
وما قُلتُ يوماً أُحِبّكِ ...
فلتصفحي ياجنينْ .
(3)
هَبْ أنّكَ زيتونةْ .
والجرّافةُ تخطو نحوكَ ..
لو كُنتُ مكانَكْ ،
لنجَوتُ بأهلي وصَحوْتْ .
ماذا لو كُنتَ مكاني .. ؟
(4)
تماديتَ ياطوقُ ، تنشُدُ قُرْبي ..
وتلتفُّ حولِي منذ الأزلْ .
ولكنّ دربكَ ، دربٌ
ودربيَ ، دربي ..
فخلفكَ نبضِيَ في العالمينَ ،
وخلفِيَ حقدٌ طويلُ الأجلْ .
فغِبْ أيها الطّوقُ خلفَ الوُجودِ
لأجمعَ مابينَ قلبي وقلبي ..
(5)
الصّالِحُ والطّالِحُ ،
والحامِضُ والمالِحُ ،
والبينَ بينْ :
ألوانُ طيفٍ حُرّةٌ ،
على قميصِ العَوْلمةْ .
فلتهنأِ الأوطانُ
بالأصالةِ المُطَعّمةْ .
واللّعنةُ الكُبرى ،
على من يخلعُ القميصْ .
(6)
بينما كان يُناجي
ببّغاواتِ اليسارِ الحُرِّ
في الحِزبِ تذكّرْ :
أن كلّ الببّغاواتِ
على الإطلاق ِ ،
من نفس ِ المُعسْكَرْ .
(7)
ذو الخطَطِ البنّاءَةْ :
كانَ يتُفُّ في المِرآةْ .
لعلّهُ يَسْتَمْرِئُ الإساءِةْ ،
قبلَ الدُّخول ِ في المُفاوضاتْ .
(8)
الناسُ ،
سواسِيةٌ ،
كالمشطِ ،
في عُرْفِ العالم ِ ،
بعدَالشّطْبِ ،
وبعدَ القصْفِ ،
وبعدَ الكشْطِ .
(9)
النّساءُ الّلواتي تَسَلّلْنَ
دونَ حياءٍ إلى الذاكرةْ :
رِجالٌ من السّلْم ِ ،
كانوا يخوضونَ
حربَهُمُ الماكِرةْ .
(10)
على بُعدِ خفقةِ قلبٍِ
وطرفةِ عينْ
تنامُ جنينْ .
ركاماً من التّعَبِ الأبدِيِّ
على عِشقِها الأبديِّ .
برائِحةِ الموتِ تغفو ..
مُعفَّرةَ الشّعرِ ،
مُغبرّةَ الشّفتينْ .
بنِصفِ قميصٍ ،
تُغَطّي جماجِمَ أطفالِها ..
وتُعرّي مُلوكَ الطّوائفِ للعالمينْ .
(11)
رَسَمَ الطّفلُ إناءً ،
فيهِ خارِطةُ الوطن ِ العربِيِّ
على السّبوّرةْ .
وحواليها ،
تتمطّى كُلُّ كلابِ
الأرض ِ المسعورةْ .
(12)
ثُمُنُ الأرْض ِ
ثَمَنُ العِرْض ِ ..
(13)
- الكلبةُ تعوي ..
كلبٌ ، يهرُبُ من بابِ الدّارِ المفتوحْ .
كلبٌ ، يتبعُهُ ..
ثالِثُ ، خلفهُما مهزوماً
رابعُ ، ينبَحُ عندَ البابِ المفتوحْ
يلهثُ ..
يتمدّدُ منتشِياً ،
ويُحرّكُ ذيلَهْ ..
- وطنٌ يهوي ..
وملايينُ الجُندِ ،
تُخبّئُ أذيالَ الخيبةِ بينَ الأفخاذِ
وتَعْوي ..
(14)
فلسطينُ يانجمةً في سمائي .
وياثورةً ،
يتوثّبُ بُركانُها تحتَ مائي .
وياسِرّ قلبي الذي
ما تشعّبَ في الأرضِ
لولا تحدّرَ من ناظِرَيْكِ بُكائي .
أزُفُّ إليكِ مواويلَ حُزني ،
إلى أن أُزفَّ إليكِ دِمائي ..
(15)
في الأُفُق ِ البعيدِ ،
غيمةٌ حزينةٌ ، تجهشُ بالبُكاءُ .
يستبْشِرُ البدوُ بدمعِها
والرّملُ والشّجرُ .
وفي عزاءِ التّين ِ والزّيتون ِ ،
تحبِسُ الأُمُّ دُموعَ حُزنِها
على ابْنِها الوحيدِ
فيجهشُ القَدَرْ .
وتهتِفُ الأمَّةُ باسْمِ الأُمِّ والشّهيدِ
شتّانَ بينَ الأرض ِ والسّماءْ .