سَلِمْـتَ ياعـراقُ - باكزه أمين خاكي

فى ليلـةٍ ظلماءَ غَابَ البـدرُ فيها واستـترْ
وانسابتْ الآهاتُ والعبراتُ وانفض السَمَـرْ
فسألتُ عن نَجـم الثُريـا قيـل لى:- وَلـىّ
ولـم يُبـقِ أثــرْ
وبَحثتُ فى أعلى السماءِ عن النجوم اللامعاتِ
عـن الـدُررْ
أين الثُريا؟.. أين نجم سْهيل ؟ (1) بل أين القمرْ؟
..............
يا مَوسِم القِدّاح (2) .. مابالـى أرى نوارةَ القِدّاحِ
لـونـاً مكفهـرْ
أمررتَ يافصلَ الربيعِ على العراق بلا زهَـرْ ؟
ورضيتَ أن تبكى الحمامةُ فى الحقول وتندحرْ ؟
وطيورُك الورقاءُ عفّتْ أيكَها...
(3) وعيونُ هَاتِيك "المها تبكى الرصافةَ والجِسرْ"
..............
يـاموطـنَ الفيروزِ والياقوتِ يابغـدادُ يا تاجـاً
على هـام الدهـرْ
قد كنتُ بالامسِ القريبِ أرى الندى مـاساً ودُرْ
واليـومَ مـا بالُ الندى حباتـُه دمعـاً ووقـرْ؟
وسنابلُ القمح المذّهَبِ قد بدت حباتُها فحماً وجمرْ
(4) ونخيلُ دجلـةَ والفـراتِ ثواكلًٌ تبكى الثمـر
قـد جاءهـا أيلـولُ من غير ثــمرْ
..............
ومررتُ قرب المكتبـات أزورهـا..
لأشـمَ ذيـاّك العطــرْ
وذكرتُ جمع الدارسين بسُوحِها.. لله ماأحلى الذِكرْ
وذكرتُ لُقيا الصحبِ فى جنباتِها فإذا بدمعى ينهمرْ
نهـب الرعـاعُ كنـوزَها فأحالها بـوراً وقفـرْ
..............
أجحافـلُ الأقـزام داست فى حقولِكَ ياعـراقُ
... بـلا حـذرْ
وتوغلـت تَهـدى إلى أطفـالنِا خـوفاً وذُعـرْ
وتـوسدت عـذراءُ بغـدادَ الحطـامَ...
أنينهـا هــزّ الحجـرْ
وصـراخُ أطفـالِ الريـاضِ تحرقـت أجسادُهم
تحـت اللهيـبِ المُستَعـرْ
ونظـرتُ فى كل الوجوه لعلَّّـنى
أحظـى بشىءٍ للنبـى المُنتظَـرْ
وصرختُ من أعمـاق قلبٍ يعتصر..
الله أكبر.. فالعروبـةُ تحتضـرْ
..............
يا قمـراً.. اسطـع على بغـداد يـا أبهى قمـر
امسَـح جـراح البائسين ... أنِـرْ دروب العـزْ
...والمجـد الأغــرْ
يـا موطنى ... لمْلِـمْ جراحَـك يـا أبىُّ ولاتفـرْ
كم للفوارسِ كَبوةً -رغم البسالة- وقعُها لايغُتفـرْ
إنى عهدتُ سعفَـك يا فـراتُ مَواضيـاً لاتنكسر
.............
ياموطنى .. أوقِد رِمالَك يا عراقُ فمِلـؤها زيـتٌ
وصُبْ فوق العِدا..نـاراً وشـرْ
من قال عاصمة الرشيد استسلمت للغاصبين ..
.. فقـد كَفــرْ
وبرغم كل النائبـاتِ سمعت صوتاً عَطّر الأفـاقْ
فإذا بـه صـوت الشهيـد مرتـلاً ...
سَلِمْـتَ يـاعـراقْ ... سَلِمْـتَ يـاعـراقْ
____________
سهيل : نجم لامع يعرفه العشاق و السمار (1)
القداح : زهـر الليمون والبرتقال (2)
إشارة الى بيت الشاعر الأموى " عيون المها بين الرصافة والجسر " (3)
فقد كان الاعتداء فى موسم تلقيح نخيل بغداد (4)