أَبْكَتِ الرَّوْضَ عَلَيْهَا جَزَعاً - خليل مطران

أَبْكَتِ الرَّوْضَ عَلَيْهَا جَزَعاً
وَرْدَةٌ فِي عُنْفُوَانِ العُمْرِ حَانَتْ

لَبِسَتْ زِينَتَهَا عَارِيَةً
لِشَبَابٍ ثُمَّ رَدَّتْ مَا اسْتَدَانَتْ

لَقِيتَها الأَرْضُ تَكْرِيماً لَهَا
بَيْنَ جَْنَيْنِ فَعَزَّتْ حَيْثُ هَانَتْ

وَابْتَنَتْ مِنْ صَدْرِهَا قَبْراً لَهَا
جَثَتِ الْحُسْنَى عَلَيْهِ وَاسْتَكَانَتْ

ذَبُلَ الرَّيْحَانُ حُزْناً وَبَدَتْ
سَنَةٌ فِي أَعْيُنِ النَّرْجِسِ رَانَتْ

فِي جِنَانِ الْخُلْدِ عُقْبَى حُرَّةٍ
لَمْ تَمِنْ يَوْمَاً إِذَا الأَزْهَارُ مَانَتْ

خَابَتِ الدُّنْيَا بِهَا لَمْ تَرْعَهَا
وَقَدِيماً خَابَتِ الدُّنْيَا وَخانَتْ

يَا فَرَاشَاتٍ هُنَا حَائِرِةً
كُلَّمَا مَرَّتْ عَلَى الْقَبْرِ تَحَانَتْ

حَبَّذَا أَلْوَانُكِ الْبِيضُ الَّتِي
مِثْلَمَا نَوَعَهَا الْحُزْنُ اسْتَبَانَتْ

كضمْ بِهَا مِنْ مَلْمَحٍ يَنْدَى أَسىً
مَسْحَةُ الدَّمْعِ تَغَشَّتْهُ فَزَانَتْ

حَبَّذَا أَجْنِحَةٌ وَهْمِيَّةٌ
حَمَلَتْ وِقراً وَبِاللهِ اسْتَعَانَتْ

كَبُرَيْقَاتٍ تَنَاهَتْ سُرْعَةً
فَاسْتَقَرَّ الضَّوْءُ مِنْهَا وَتَفَانَتْ

مَا لَهَا ظِلُّ إِذَا مَا أَوْضَعَتْ
وَلَهَا ظِلُّ خَفِيفٌ إِنْ تَوَانَتْ

يَلْمَحُ الظَّنُّ إِذَا مَا رَفْرَفتْ
سِرْبَ أرْوَاحٍ صَغِيراتٍ تَدَانَتْ

وَلَهَا أَنَّاتُ نَوْحٍ حَيْثُمَا
بَلَغَتْ سَامِعَةَ الْقَلْبِ أَلاَنَتْ

مَا الّّذِي تَبْغِينَ مِنْ جَوْبِكِ يَا
شُبُهَاتِ الطَّيْرِ قَالَتْ وَأَبَانَتْ

نَحْنُ آمَالَ الصِّبَا كَانَتْ لَنَا
هَهُنَا مَحْبُوبَةٌ عَاشَتْ وَعَانَتْ

كَانَتِ الْوَرْدَةَ فِي جَنَّتِنَا
مَلَكَتْ بِالْحَقِّ والْجَنَّةُ دَانَتْ

مَا لَبِثْنَا أَنْ رَأَيْنَاهَا وَقَدْ
هَبَطَتْ عَنْ ذَلِكَ الْعَرْشِ وَبَانَتْ

فَتَرَانَا نَتَحَرَّى أَبَداً
إِثْرَهَا أَوْ نَتَلاَقَى حَيْثُ كَانَتْ