يا ليل - بدر شاكر السياب

ليت الليالي تنسي قلبي الألما
و النجم ينبئها عني بما علما

لعينيك يا ليل سر لا تبوح به
أغمضت عنه عيون الناس فانكتما

إلا عيوني ما أغمضت ساهدها
فبتن يرقبن منك النوء و الظلما

قد اتقيت أذاها فاستثرت لها
دمعا لهت فيه عما فيك منسجما

صحبت فيك سرى الأحلام مفزعها
و عذبها فطويت الغور و الأكما

فما التقتيت بمن أهوى أتحسبها
يقظى لديك فما أهدتها حلما

و هل نعمت من الدنيا برؤيتها
أما احترقت فأفزعت النجوم أما

ألم تخنك الدراري مذ شغفن بها
و كيف وارين غرب الدمع حين هما

ترى هل الأرض مأواها و موطنها
أم السماء نمتها فهي بنت سما

من السنا و الندى و الزهر منزلها
على الثرى من ندي الغيم قد رسما

إن الأهلية شيء من أرائكها
و الفجر مرآتها ما رف مبتسما

و ساءلتك و غرب الدمع سامرها
عني فألفتك قد أوليتها صمما

فردت الطرف نحو الغيم حائرة
فارتد بارقة يجلو لها الظلما

وهزت الأفق السهران باحثة عني
وبت أهز القلب مضطرما

فما نجومك و هي النيرات سوى
آثار أقدامها تروي لك الألما

و ما أغانيك و هي الخالدات سوى
أشتات قلبي تروي حبه نغما

أما سئمت من الآهات نرسلها
نارا و قلبك من قلبي أما سئما

ضم الفؤادين لم تبق النوى بهما
ما يستطيع حياة إن هما انصرما