رثاء القطيع - بدر شاكر السياب

لقد حدثوني بموت القطيع
فشدت على القلب كف الألم

رأيتك تبكين بين الثرى
و تستصرخين رعاة الغنم

و حولك سرب من الراعيات
يخففن عنك الضنى و السأم

أما أرقت عين هذا التراب
دموع لها فوقه منسجم

من الأعين الحور ينبوعها
فهل تصبح اليوم تحت القدم

لقد زوقت تحت أيدي الأصيل
سفوح الروابي بظل القمم

و قد حوم النوم حول الغدير
فما بال أزهاره لم تنم

و أمواجه أخلدت للسكون
فمات على ضفتيه النغم

و كانت تغني بحجر النسيم
إذا لفها موهنا و استجم

أحزنا على ما أصاب القطيع
رفيق هواها عراها السقم

و مالك لا تملأين المروج ابتساما
فإن الربيع ابتسم

و فوق الثرى ذاب قوس السحاب
فبادت على جانبيه الظلم

رياض كما يشتهي العاشقون
و ما صور الفن منذ القدم

و نور سها شفاه الزهور
و نهر عليه الذهول ارتسم

أحزنا على ما أصاب القطيع
أليف الروابي اعتراك الألم

سأبكي وقد كنت تستضحكين
إذا الدمع من ناظري انسجم