سفر أيوب ( 4 ) - بدر شاكر السياب

يا ربّ أيوب قد أعيا به الداء
في غربة دونما مال و لا سكن
يدعوك في الدّجن
يدعوك في ظلموت الموت أعباء
ناد الفؤاد بها فارحمه إن هتفا
يا منجيا فلك نوح مزّق السّدفا
عني أعدني إلى داري إلى وطني
**
أطفال أيّوب من يرعاهم الآنا
ضاعوا ضياع اليتامى في دجى شات
يا رب أرجع على أيوب ما كانا
جيكور و الشمس و الأطفال راكضة بين النخيلات
و زوجة تتمرّى و هي تبتسم
أو ترقب الباب تعدو كلّما قرعا
لعله رجعا
مشاءة دون عكّاز به القدم
**
في لندن الليل موّت نزعه السّهر
و البرد و الضّجر
و غربة في سواد القلب سوداء
يا ربّ يا ليت أنّي لي إلى وطني
عود لتلثمني بالشمس أجواء
منها تنفّست روحي طينها بدّني
و ماؤها الدم في الأعراق ينحدر
يا ليتني بي من في تربها قبروا
**
لأنه منك حلو عندي المرض
حاشا فلست على ما شئت أعترض
و المال ؟ رزق سيأتي منه موفور
هيهات أن يذكر الموتى وقد نهضوا
من رقدة الموت كم مص الدماء بها دود ومدّْ بساط
الثلج ديجور
إني سأشفى سأنسى كلّ ما جرحا
قلبي و عرّى عظامي فهي راعشة و الليل مقرور
و سوف أمشي إلى جيكور ذات ضحى .