رحلات قابيل العربي - علي الفزاني

أيُّها السّاقي الوسيم
هاتِ كأساً- من دَم عذب- ودندنْ للنّديم
فرفيقي خازن النّار ورُبَّان الجحِيم
كلّ ما حرّمه الإنسانُ يغدو- في لُهَانَا كالنعيم
مات فخذاً وكبد
ولساناً عربيّاً من قتيل في (أحدْ)
وإذا الزّادُ في الليل نفذ
فلدينا بعض قدّيد حنينْ
وغداً نأتي برأس أبي ذر العنيد
* * *
أيًّها السّاقي الوسيم
فيك شيء يوسفيٌّ هذه الشًَّامةُ نجمة
هذه اللَّثغة بسمة
ولنا ليلٌ طويلْ
* * *
أيُّها السّاقي الوسيم
ليس للطغيان وقت أو زمن
نحن نأتي من توابيت الزمن
وإذا انهار وثنْ
حلَّ في الأرحام مليونُ وثنْ
نحن في (ذي قار) كنَّا وغداً نشعل الدنيا فتنْ
(وإذا الطفلُ غداً غضاً طرياً)
عشق القتل فأضحى القتلُ فن
* * *
أيُّها السّاقي الوسيم
أنا من قابيل نسلي- لست قابيل القديم
إنَّني نسل الجريمة
علناً تحت طيف الشّمس أقتل
وبدون الشّمس أقتل
إنّه العدل الجديدْ
أيُّها السّاقي الوسيم
تعرف البسوس وجهي
كنت في جند- المهلهلْ
ورآني النّاس في صفّ- كُليبْ
وأنا في الفتنة الكبرى أقاتلْ
حاملاً رُمحاً ومصحف
وأنا في العدوة الأخرى مكين
هكذا شئتُ وأبغي أن أكون!
حاضراً في اللعبتين!
أيُّها الساقي الوسيم
ثم ماذا؟؟
أنا في غرناطة الثكلى أساوم
تَارةً في قصر عبد الله رمح
تارةً في سيفي صليبْ!
* * *
أيها السّاقي الوسيم
مرَّةً أخرى أعود
ورآني الله والتاريخ في حرب الخليج
حاملاً كالناس شارات كثيرة
شارةً للذَّود على إرث القبيلة!
نجمةً للأمم المتحدة!
شارة الحلف.. والحلف صديقْ
وحباني مجلس الأمن وساماً أطلسياً
من عظام وحديد!
* * *
أيها السّاقي الوسيم
عسعس الليل.. فهيَّا..
في دمي من لهب النفط حريقْ
نمزح منك عليك
إنني منك لديك
* * *
هذه النّار و هذي السنبلة
هذا الرأسُ و هذي المقصلة
أيها السياف.. اضرب
قد سئمتُ المهزلة
* * *
الذي أوجدني
في بلاد القهر لن ينقذني
كلَّما ناج يته يخذلني
ضحكت مني شفاه الوثن
* * *
لزِجٌ كل سؤال
موجعٌ كل احتمال
إنّما الصبرُ على القهر اغتيالْ
* * *
أخذ البعض شبابي
سرق البعض ثيابي
ما الذي يجدني انتحابي
ارحموني من.. بلادي
* * *
لعبةٌ تلك المسافة
بين ظني ويقيني
بين شكي وظنوني
* * *
أشتهي شيئاً حراماً
ليس خمراً أو جسدْ
أشتهي من أبجدية التكوين حرفاً
وخروجاً من زمان مستبدْ
* * *
قيل لي هذا وطن
قلت ما معنى الوطن؟!
يشتهي الإنسان خبزاً
وهنا الخبز تراب وكفن!
* * *
قلت للعرّاف: هب لي مرّة رؤيا جميلة
أنت قد ضيّعت عمري بالتآويل الذّليلة
كل أيامي عذاب فاعطني فرحة ليلة
قال لي العرّاف اسكتْ
فكلانا يا صديقي ما له في الأمر حيلة
---------
1991