أوراد الشتات - محمد فاضل

ــ الورد الأول والأخير ــ

*

مثل انتظار الهوى في شرفة الأبد
تغدو الأماني انتظارا من غدٍ لغد

طال انتظارك يا شنقيط إذْ أكلتْ
من حسنك البضّ أجيال بلا عدد

قاومت كل تباريح الزمان وما
سلّمت للرّيح والأمطار والبرَد

مازلت رغم ندوب الدهر باسقة
كالنّخل في طلعها القنوان ذو النضد

مازلت تختزنين الدهر أُحجية
مثل التماثيل في صمت وفي جلد

فواحة العطر والأنداء موشية
نمّتْ بعطرك للأمواج والزبد

من ذا تحرّش بالكثبان غيرك ! من
أغرى زوابعها بالعطر والرغد

مازلتِ واسمُك رمزاً في طلاسمه
وشي الخرافة والإبحار في الأمد

تروي الأساطير أشياء تعارضها
بعض النقول فلم تبدئ ولم تعد

*

شنقيط كيف هزمت الدهر واقفة
مثل الجبال بلا جند ولامدد

مالي أراكِ بلا حصن وحولك آ
لاف الحصون ، وجنّ الأرض في رصد

مالي أراك بلا أهلٍ وكل بنا
ت الأرض مثلك في أهل وفي ولد!

أين الألى زعمو ا الحبّ ! الألى رهنوا
أيامك البيض للشيطان والنكد

أين الألى أكلوا نهديك ! ما اصطلموا
بالنار ، وحدك في النيران والعمد

جرّبتِ ألف عشيق ليس أوّلهم
إلاّ كآخرهم في الحقد والحسد

جرّبتِ ألف صديقٍ في صداقتهم
تبدو البشاعة غولابالغ الأود

ماذا أقول فيا شنقيط لستُ سوى
فرد تمدّده الأوزار في لحد

*

عجزي يزملني عذرا ، يعللني
جبني فأدعو على الأيام بالفند

كيف الطّريق إلى ذاتي وجوعيَ في
عينيّ يعوي كسعلاة وفي جسد

وهاجسي النّهب ، في بحث الضباع، وفي
كمن التماسيح أو في فتكة الأسد

ودونك البيد لانار تحرّق في
تلك اليفاع لنائي الأهل والبلد

كلّ القبائل غرثى ، في مجاعتهم
تنمو المجاعة جندا هائل العدد

*

خمسون عاما مضت والهوة اتّسعت
شاخت أمانيك لم تولد ولم تلد

خمسون عام أناج الحلم ، ما لمحتْ
عيناك عيني ، ولم تلمس يداك يدي

خمسون عاما طلاب الوصل أتعبني
إن عزّ وصلك يا شنقيط فلتعدي

ولتشرقي من وراء الغيم باسمة
وسامحي الولد المخلوق في كبد

وسامحي نزقي يوم انطلقت بلا
عقل وضاع طريقي وانمحى رشدي

ضمي إليك شتاتي لم أجد أحداً
أأْوي إليه ، ولم أصبو إلى أحد