تداعيات لوجه شنقيط - محمد فاضل

بمناسبة العيد الوطني للجمهورية الإسلامية الموريتانية

*

أَسْرِجِ الّليلَ والمطَايا رَعِيلاَ
واجْعَلِ الدَّهْرَ لاحِباً وسَبِيلاَ

يَاخَلِيّ الفُؤَادِ رُمْتَ طَرِيقًا
ضَلَّتِ العِيرُ فِيهِ عَرْضاً وطُولاَ

ذَاك َنهْجُ المُدَلهّينَ أُسَارى
سَطْوَةِ الحُبِّ ، أَسْرًا جَمِيلاَ

قَدْخَبِرْنَاهُ مُوحِشًا وصَلِيباً
وَخَبِرْنَاهُ مُؤْ نِسًا وَمَهيلاَ

وَبلَوَنْاً السّنِينَ شَدْواً وعَدْواً
نَطْلُبُ الوَصْل بُكْرَةً وَ أَصِيلاَ

مَا ظَفَرنَا ومَا قَنَطْنَا ولكِن
هَكَذَا الحُبُّ يَسْتَحِي أَن يُنِيلاَ

نَعْذِرُ الحبَّ ، لو غَدى مُسْتَبَاحًا
لَغَدَى أَخْرَقًا بَئيسًا ذَلِيلاَ

لَو أَنالَ الوِصَالَ مِنْ غَيرِ جُهْدٍ
لاَ شْتَهَيْنَا صَرَاحَةً أَن يُقِيلاَ !!

يَحْسَبُ البَعْضُ أَنَّ فِي الحُبِّ لَهْواً
يَبْتَغِي البَعْضُ فِيهِ ظِلاًّ ظَلِيلاً

وسَرِيعاً يُفَاجِئُ الحبُّ قَوْماً
غَرَّهُمْ صَمْتُهُ زَمَانًا طَويلاً

نَوْبَةُ الحُبَّ نَوْبَةٌ تَعْتَرِينَا
فَتَرَانَأ وَلاَ نَرَاكَ ذُهُولا

قَدْ بُلِينَا بِحُبِّ { شِنْقِيطَ } حَتَّى
سَقَطَ البَعْضُ مَيِّتاً وَقَتِيلاً

إِنّ { شَنْقَيطَ } لَوْ عَرَ فْتَ فَتَاةٌ
خَلْفَ تِلكَ السُّهُوبِ تَرْمِي الذُّيُولاَ

يَغْسِلُ البَحْرُ سَاقَهَا ، والصَّحَارى
وَ الشَّيَاطَينَ يَشْرَبُون الغَسِيلاَ

يُرْ سَلُ الّليلُ شَعْرَهَا ، فَيُغَنِّي
مُسْتَمِدًّا سَوَادَهُ ، مُسْتَمِيلاَ

كَاعِبٌ وَدَّتِ الصَّحَارى مِرَارًا
خَطْفَهَا عنْوَةً لِتَشْفشي الغَلِيلاَ

كَاعِبٌ غَلَّتِ القُرى ، وَتَسَامَت
فوقَ مَكْرِ القُرى عُلُوّاً جَلِيلاَ

قَالَ لي الشَّيخُ يَابُنَيّ تَمَهَّلْ
سَقْطَةُ الحُبِّ أَنْ تَكُونَ عَجُولاَ

إِنَّني قَدْ عَرَفْتُ شِنْقِيطَ غِرًّا
كُنْتُ فيِ فتْيَةٍ نجَوُبُ السُّهُولاَ

مَا اتَّخَذْنَا حَبِيبَةً غَيرَهَا مُذْ
تَيّمَتْنَا ، وَلاَ ابْتَغَيْنَا بَدِيلاَ

قَدْ أَقَمْنَا عَلى الهَوى ، وَتَرَكْنَا
أَهْلَنَا خَلْفَنَا ، تَرَكْنَا الرَّحِيلاَ

لَمْ نَزَلْ في غَيَابَةِ الحُبَّ فِتْيَا
نًا ، رِجَالاً، مَشَايِخًا ، وَكُهُولاً

كَمْ تَرى مِنْ قَوَافَلَ المِلْحِ حَطَّتْ
عِنْدَهَا مَرَّةً ، لِتَنْسى القُفُولاَ

مَا عَرَفْنَا صَفِيَّهَا كُلُّ غِرٍّ
حِينَ يَسْمُو إِلَيْهَا يَعُودُ كَلِيلاَ

مَا عَرَفْنَا لَهَا خَلِيصاً فَرِيداً
أَوْ صَدِيقًا مُقَرَّبًا ، أَو حَلِيلاَ

قَالَ لِي الشَّيخُ يَابُنَيّ تَنَبَّهْ
سَوفَ أُلْقِي عَلَيكَ قَولاً ثَقِيلاً

كَمْ تَمَنّى اخْتِطافَهَا مِن غَشُومٍ
ضَلَّةً مِنْهُ ، سَامَهَا مُسْتَحِيلاَ

رَامَ هَذا المُحَالَ قَبْلُ عَقِيدٌ
وَرَئيسٌ مُزَوَّرٌ ، فَأُقِيلاَ

دبَّ في غَفْلَةِ الزَّمَان ، وَ وَلَّى
مِثْلَمَا جَاءَ خَاسِئًا ، وَوَبِيلاَ

يَالَ شِنْقيطَ ، كَمْ نَسِيتِ أُوَاراً
ـ تَحْتَ ثَوْبَيكِ ـ وَارِيًا ، وَفَتِيلاَ

كَمْ تحملت مِن جِوَارٍ بَئيسٍ
وَرِجَالٍ تَمَلَّقُوكِ طَويلاَ

أوغَلُوا فِي البِحَارِ نَهْباً وَعَبًّا
أَرْجَفُوا بِالرِّ مَالِ قَالاً وَقِيلاَ

كُلُّهُمْ فِي خَبيئِهِ لَكِ لِصٌّ
يُظْهِرُ الوِدَّ ، تحْسَبِيهِ خَليلاَ

يُظْهِرُ العِشْقَ والغَرَامَ ، كَّذُوبٌ
مَثَّلَ الحُبَّ عَاشِقًا وَعَليلاَ

وَهْوَ فِي نَفْسِهِ تَمَنّى انْشِغَالاً
كَي يُجَرِّدْ عَلَيك سَيفًأ صقيلاَ

إِنَّ شِنْقيطَ لَنْ تَئُولَ احْتِكَارًا
إِذْ تَمَنّى عَدُوُّهَا أَنْ تَئُولاِ

تَبَّ مَنْ رَامَ خَطْفَهَا خَائِبٌ لَوْ
جَاءَ بِالجِنِّ والجَرَادِ قَبيلاَ

سَوفَ تَبْقَى لِعَاشِقِيهَا مَشَاعًا
وَمَلاَذًا مُرَحِّبًا وَ حَفيلاَ

قُلْتُ لِلشَّيخِ ، أَوصِني ، قَالَ زُرْهَا
سَوفَ تَلْقى مَحَبَّةً وَقُبولاَ

قُلتُ للشَّيخِ ، أَيُّهَا الشَّيخِ شُكْرًا
قَالَ لى يَاغُلاَمُ شُكْرًا جَزِيلاَ.

*

28 / نوفمبر / 2006