خيالك - بدر شاكر السياب

لظلك لو يعلم الجدول
على العذب من مائه منزل

يمر به القلب مر الغريب
و يهفو له الحب و المأمل

بأفيائه تحلم الذكريات
و يشدو الخيال و يسترسل

وقفت حزينا لدى الضفتين
و حولي زهور المنى تذبل

وقد رف ظلك فوق المياه
وجالت بأعطافه الشمأل

ففي الموج مما رأى هزة
يحار لها الشاطيء الممحل

و سرحت عيني في مقلتين
يسدد سهميها الجدول

غرام فهل تنكرين الغرام
وحب و هل منه لي موئل

تمنيت لو كنت ريحا تمر
على ظل و لهى فلا تعذل

و يستأسر الموج إغراؤها
و ترديدها النائح المرسل

فتمضي و يمضي به للسماء
غماما بأرجائها يرفل

فأخلو بظلك بين النجوم
وقد جال فيها الدجى المسبل

ففي كل تقبيلة نجمه
تغور أو كوكب يذهل

خيالك من أهلي الأقربين
أبر و إن كان لا يعقل

أبي منه قد جردتني النساء
و أمي طواها الردى طواها الردى المعجل

و ما لي من الدهر إلا رضاك
فرحماك فالدهر لا يعدل