المخدع .. - أحمد عبدالمعطي حجازي

و لمّا أفاقت عن رداء ممزّق
و نوّح سرير آثم خافت الهمس

و كأسين ، كأس لا يزال بكفّها
و كأس يغنّي وحده قصّة الأمس

و ضوء سراج غامض ظلّه صدى
لألوان حلم باهت ذكره ينسى

هما أغمضاه عندما رص اللذظى
و مالت ظلال لعاريين على الكأس

و عصفورة حيرى الجناح شقيّه
عماها الدجى فاشتاقت النور باللّمس

تردّد بين السقف و الباب علّها
تشمّ شعاعا تاه عن موكب الشمس

و ريح من الوديان حنّانه الصدى
تئنّ خلال الثقب واهنة الجرس

تسوق حنين اللّيل للمخدع الذي
تثاءب فيه الدفء و المئزر المنسي

و آه تعلى الاسجاف لوعي مديده
كمرثيّة ضلّت طريقا إلى الرمس

تزفّ ليالي الأنس ، و الصمت حولها
تراب تردّت عنده ليلة الأنس

و لماّ أفاقت يا لطهر أنامل
تردّ طيورا في الخيال عن الغرس

تغطّي بياض النهد و النهد حانه
عليه خطى الفسّاق دامية الجسّ

تلوّت توارى في يديها مفاتنا
عرايا تشهاها المصلي على القدس

تزمّ _ كعذراء _ فتوق ردائها
على أيّ شيء يا معذّبة النفس ؟

وولّت تردّ الباب خلف مدامع
لها كلّ اصباح طريدة فردوس

---------

( يونيو 1954)