طَرَقات على باب الرحيل - جمال مرسي

( أَزِفَ الرَّحِيلُ و حَانَ أَنْ نَتَفَرَّقَا)
مِنْ غَيْرِ تَوْدِيعٍ أُحِبُّ و لا لِقَا

أَزِفَ الرَّحيلُ، وَ دَمْعُ عَيْنِي لَمْ يَزَلْ
مِنْ هَوْلِهِ مُتَصَبِّباً مُتَرَقْرِقَا

كان اختياري ، فاْبتَدَرْتُ مِنَ اْلأَسَىَ
ما قَدْ تَغَلْغَلَ فِيْ اْلحَشَا وَ تَعَمَّقا

يا لَوْعَةَ اْلقلْبِ اْلذي اْختَارَ اْلنَّوَىَ
وَ بِمَا تأجَّجَ مِنْ لَظَىً أنْ يُحْرَقا

ماذا أقولُ لنبْضِهِ إِنْ جَاءَنِي
يا أنتِ يسألُ عنْ غَرَامِك مُشْفِقا

و يقولُ كيفَ أَضَعْتََهَا، وَ هِيَ التي
سَكَبَتْ لِعَيْنَيْكَ اْلصَّباحَ اْلمُشْرِقا

و لَكَمْ تَمَنَّتْ كُلُّ أَشْرِعَةِ الهوى
إِنْ أَبْحَرَتْ فِي عَيْنِهَا أَنْ تَغْرَقا

ماذا أقول لمُقْلَتِي إِنْ أَبْصَرَتْ
مِنْ بَعْدِهَا اْلدُّنْيَا ظَلاماً مُطْبِقا

و هِيَ التي نَسَجَتْ لَهَا شَمْسُ اْلضُّحَىَ
ثَوْبَ الضِّيَا،فَاْمتَاحَ مِنْهَا رَوْنَقا

خَلَعَتْ عَلَيْهِ اْلحُسْنَ مِنْ لأْلائِهَا
و هْوَ الضِّياءُ ، فَكَيْفَ لَيْلٌ أَغْسَقا

وَ هْيَ اْلعَبِيرُ ، فَيَا زُهُورَ حَدِيقَتِي
قَدْ كِدْتُ بَعْدَ رَحِيلِهَا أَنْ أُخْنَقا

مَا عَادَ يُطْرِبُنِي اْلهَزَارُ ، وطَالَمَا
فِيْ رِحْلَةِ الأَنْغَامِ طِرْتُ مُحَلِّقا

حَتَّى كَأنِّي قَدْ صَعَدْتُ إِلى السُّها
فَسَكَنْتُهَا مَعَهَا، و طَابَ لِيَ اْلبقا

ماذا أقولُ لِحُلْمِ عُمْرٍِ عِشتُهُ
معَهَا ، و طَيْفٍ زَارَنِي مُتَأَلِّقا

و الذِّكْرَيَاتُ إِذا تَهَادَتْ كَاْلصَّبا
لَوْ دَاعَبَتْ بِنعُومَةٍ غُصْنَ النقا

هَلْ كُنْتُ أَسْطِيعُ الهُرُوبَ مُكابِراً
مِنْهَا ،لأَرْكَبَ نَحْوَ حَتْفِي زَوْرَقا

هَذِي اْلشُّمُوعُ أَضَأْتُهَا فِيْ خَافِقِي
أَوَ يَسْتَطِيعُ بِدُونِهَا أَنْ يَخْفُقا

و هُنَاكَ مَقْعَدُنَا الذي يَرْنُو لَنَا
جَنْبَ اْلبُحَيْرَةِ نازِفاً مُتشوِّقا

و دَفَاتِرُ اْلشِّعرِ اْلتِّي نَمَّقْتِهَا
لِيْ يَا حَبِيبَةُ أَوْشَكَتْ أَنْ تَنْطِِقا

قَالَتْ ، و ردَّدَتِ الطيورُ مَقَالَهَا
يَا أَنْتَ جِئْتَ مِنَ اْلفِعَالِ اْلأَخْرَقا

القَصْرُ يَسْألُ و اْلحَقِيقَةُ و اْلرُّؤىَ
أَيْنَ اْلتِّي مِنْهَا اْلجَمَالُ تَخَلَّقا

أَيْنَ اْلأَمِيرَةُ ، لا نَخَالُكَ صَادِقاً
فِيمَا زَعَمْتََ ، وَ كُنْتَ كُنْتَ الأَصْدَقا

أَهُوَ اْلرَّحِيلُ ، وَ هَلْ تُطِيقُ فِرَاقَهَا
و اْلعُمْرُ مُنْسَرِباً جَرَىَ و تَدَفَّقا

خَمْسُونَ شَقَّتْ فِيْ اْلمُحَيَّا دَرْبَهَا
و اْلشَّيْبُ يَغْزو لُمَّتِي و المَفْرِقا

يا أَنْتِ مَا اْجتَمَعَ اْلخَرِيفُ مَعَ اْلرَّبِيِعِ..
وَ لا اْلسَّعَادَةُ فِيْ فُؤَادٍ بِالشقا

يا أَنْتِ ذا قَدَرِي ، و مَا سَطَّرْتُهُ
لَكِنْ قَضَى رَبٌّ يُهَابُ و يُتَّقى

فَلْتَرْحَلِي و لْتَتْرُكِي لِيَ قِصَّة ال
أَمْسِ الذي بِكِ كَانَ أَبْهَى رَوْنَقا

سَأَظَلُّ أَذْكُرُ أَنَّ حٌبَّكِ مُؤْنِسِي
وَ القَلْبَ بَعْدَكِ قَدْ ذَوَى وَ تَمَزَّقا