بلادي لم تزل للنور نبعاً - جمال مرسي

سَقَاكِ اللهُ يا مِصرُ الغماما
و أَلقَمَ جَوفَ شانِئِكِ الضِّراما

حَمَاكِ من العيونِ إذا تَعَامَت
فَلَم تَرَ في الضُّحى إلا الظَّلاما

و تَوَّجَ نِيِلَكِ الدَّفَّاقَ أَمناً
و أَهرامَ الفَرَاعِنَةِ السَّلاما

شَمَمتُكِ في نَسِيمِ الصُّبحِ لَمَّا
تهادى ناثراً عِطرَ الخُزامى

و أَبصَرتُ النَّخيلَ أمامَ عيني
يميلُ مع النَّسائِمِ كالنَّدامى

و قَاهِرةَ المُعِزِّ لها شُمُوخٌ
و أَزهَرَهَا على الدنيا تسامى

يُشَنِّفُ مِسمَعَ الدنيا بِحَقٍّ
يُعَلِّمُها التَّسَامُحَ و النِّظاما

رَجَعتُ بذكرياتي رَغمَ نأيٍ
أُقَبِّلُ يا ابنَةَ النيلِ الرَّغاما

أسيرُ على ضِفافِ النهرِ، أشكو
لَهُ حالي فيرسمُ اْلابتساما

كأنَّا عاشقانِ نذوبُ شَوقاً
و نَقتَسِمُ الأهازيجَ اقتساما

بلادِي ، غُرَّةَ التاريخِ ، إنِّي
أَتُوقُ ، و خافقي بالشوقِ هاما

إذا ما رُدِّدَ اْسمُكِ في مقامٍ
غَدَوتُ بذكرِهِ الأعلى مقاما

يُشيرُ القومُ نحوي بانبهارٍ
و يُنصتُ مِسمعُ الدنيا احتراما

أنا المِصريُّ ، نورُكِ في عروقي
و نارُكِ في حنايا من تعامى

و قلبُكِ للصديقِ رياضُ فُلٍّ
و في وجهِ العدا كانَ الحُساما

عجبتُ لحاقدينَ بلا ضميرٍ
يبيعونَ الكرامةَ و الكِراما

و يتَّبِعونَ شيطاناً مريداً
فيقترفونَ أفعالاً جِساما

يُريقونَ الدماءَ بكلِّ صَوبٍ
فوا عجَباً لإرهابٍ تنامى

مَشَت قَدَماهُ في "خانِ الخليلي"
و طالت كَفُّهُ البيتَ الحراما

و ما ذنبُ الشيوخِ تموتُ غدراً
و ما ذنبُ الصِّغارِ غَدَوا يتامى

و هَل كان الجهادُ بِقَتلِ نَفسٍ
مُؤَمَّنَةٍ ، و لم تَخُنِ الذِّماما ؟

بِلادِي لَم تَزَل لِلنُّورِ نَبعاً
و للإِيمَانِ بُستاناً ترامى

ترعرعَ حُبُّها في حِضنِ قلبي
فصارَ لصدرِ عاشِقِها وساما

و أَضحَت فَوقَ عَرشِ المَجدِ نَجماً
يُضِيءُ لِسائرِ الدُّنيا الظلاما

فَصُنهَا يا إِلَهِي ، و احمِ شعباً
على عِظَمِ الحوادِثِ قد تسامى