غفوة في روضة الحلم - جمال مرسي

صباحُ الخيرِ سيِّدتِي
صباحٌ فاحَ بالنَّعناعِ أَسكَنَهُ بأَورِدَتِي .
و داعَبَنِي ..
شُعاعٌ أَرسَلَتهُ عُيونُكِ العسليَّةُ اللَّونِ
و أَرسَى مركَبَ اسمِكِ يا عروسَ البحرِ
يا لحناً على شَفَتِي .
أُحرِّكُها
فينطِقُ كُلُّ حرفٍ فِيهِ بالسِّحرِ
و يقفِزُ مِثلَ راقِصةٍ
كواها السَّيرُ فوقَ الشَّوكِ
و الجمرِ .
لكِ الحُبُّ الذي ينسابُ شلاَّلاً
ليروِيَ ما تصَحَّرَ فِي رِياضِ الرُّوحِ
مُلهمتِي .
مَدَدتُ يدِي إِليكِ فأنقِذِي قلبِي
مِن الطُّوفانِ إِن شِئتِ .
يمامةَ عُمريَ المسلوبِ مِن كفّيَّ :
يكفِينِي ..
غناؤكِ حِينَ أَسمعُهُ ،
ليُلهِبَ جمرةَ الشَّوقِ التي لم تَخبُ فِي رِئَتِي .
سئِمتُ العيشَ منفِيّاً
بعيداً عن لظَى شَفَتَيكِ ،
عن عينَيكِ
يا أَنتِ .
أَمامِي دربُ أَشواكٍ
مشيتُ إليكِ ،
أَنفاسِي تُسابقُنِي أَنا وحدِي
أَحُذُّ الخطوَ لا أَلوِي على وجدِي
أُقلِّبُ فِيهِ طرفِي
علَّني أَلقَى التي أَودَت بعينِ القلبِ للسُّهدِ .
أُنادِيها
فيرجِعُ لِي صَدى صوتِي
كأنَّكِ فِيهِ أُغنِيةٌ
تُردِّدها
عنادِلُ صوتِكِ المُنسابِ في أُذُنِي
تقولُ ارجِعْ .
و في حُبِّي فلا تطمَعْ .
نصِيبُكَ أَن تسِيرَ الدَّربَ فرداً
تسكُبُ الأَلحانَ ،
لا تُسمَعْ .
أنا ما زِلتُ مِن جُرحِ الهَوى أَبكِي على نفسِي
أَنامُ على قضِيضِ الجمرِ
يكوِينِي لظَى أَمسِي .
مُغلَّقةٌ نوافِذُ قلبِيَ المسكُونِ بالآَهاتِ ،
باليأسِ .
و أنتَ الحُلمُ يأتِينِي
كموجٍ داعَبَ الشُّطآنَ أَغراها
بعطرِ البحرِ
ثُمَّ ارتدَّ صَوبَ البحرِ في الحِينِ .
كغيمٍ أَنبتَت أَمطَارُهُ غاباتِ نِسرِينِ .
أَتَى كي يُطفئَ النِّيرانَ فِي جوفِ البراكِينِ .
و يبعَثَ ما ذَوى مِن عُشبِ آمالِي
بصوتٍ مثلما القيثارِ يشجيني .
أَأَفتحُ بابِيَ المَوصُودَ
في وجهِ الهوى و العشقِ من زَمَنِ .
لتسرِيَ نبضةُ الأَشواقِ في بَدَنِي ؟
أَنا ما زِلتُ بينَ النَّارِ و الفِردَوسِ ،
بينَ هواجِسِ النَّفسِ .
أُحدِّثنِي
فيعلُو داخِلِي همسِي .
و ينبِضُ كُلُّ عرقٍ باسمِكَ المنقُوشِ في حِسِّي .
و يردعُنِي حديثُ العقلِ
يا أَمَلاً
بدا كصعوبةِ الطَّيرانِ
للشَّمسِ .
فأَغفُو في رِياضِ الحُلمِ لا أَلوِي على أَحدٍ
أُريحُ مِن الهَوى رأسِي .