بكم يا رفاق - جمال مرسي

بكم يا رفاق بِكُم يا رفاقُ تسامى الشُّعُورْ
و ضَوَّأَتِ القلبَ هالاتُ نورْ

بِكُم عادَ للشِّعرِ ذاكَ البريقُ
و فَاحَتْ بِعطرِ الصفاءِ الزهورْ

و رَدَّدَ كُلُّ قَصِيٍّ و دانٍ
غناءَ البلابلِ ، شدوَ الطيورْ

فَوَاللهِ يا سادةَ الحرفِ إنِّي
أكادُ بِصحبتِكم أنْ أطيرْ

هو الشِّعرُ جمَّعنا رغم نأيٍ
على الخيرِ نبعثُ مَيْتَ الضميرْ

هو الشِّعرُ عُشبٌ نما في الخيالِ
سقتهُ التجاربُ ماءَ الشعورْ

جميلُ البيانِ يُذِيبُ الفؤادَ
و سِحرُ البلاغةِ كأسٌ تدورْ

شَرِبتُ فأُثمِلْتُ من رشفةٍ
و غُيِّبتُ لكنْ بِفَوْحِ العبيرْ

و زِدتُ انتشاءً فَخِلْتُ مكاني
مع الشَّمسِ في عالياتِ القصورْ

و حينَ اْدلَهَمَّت خُطُوبٌ سَمِعتُ
لكم في الصدورِ قلوباً تمورْ

كأنَّ صدى نبضِها إذ يُدوِّي
هديرٌ ، و نبْضاتُها كالزئيرْ

تُتَرجِمُ إحساسَهَا طلقةً
تَدُكُّ صُروحَ الخنا و الغرورْ

و تَرجُمُ بالحَرفِ سَمْعَ اللئيمِ
و تَحرِِقُ وجهَ عدوٍ حقيرْ

هُوَ الشِّعرُ كالنارِ عند الوغى
و في السِّلمِ تلمسُهُ كالحريرْ

هُوَ الشِّعرُ واحةُ حُبٍّ ألوذُ
بها حين يشتدُّ لفحُ الهجيرْ

هُوَ الشِّعرُ لي وطنٌ إن هَجَرتُ
ثراهُ أعِشْ في شقاءٍ مريرْ

إلى لُغَةِ الضَّادِ كان انتمائي
و إنِّي بميراثِ قومي فخورْ

عَشِقتُ القصيدةَ من كُلِّ قلبي
و كلٌّ إلى ما يُحبُّ يسيرْ

هِيَ النيلُ يجري زلالاً و يروي
عِطاشاً و يُهدي كؤوسَ الحُبُورْ

هِيَ النَّهرُ والبحرُ والقَطرُ والزَّهْرُ..
والعِطرُ والسِّحرُ عَبرَ العُصُورْ

هِيَ الخِلُّ والطَّلُّ والنخلُ و الحقلُ..
و العقلُ و النُّبلُ و هْيَ السَّفيرْ

هِيَ الحُبُّ يسري كمثلِ النسيمِ
بقلبِ الغَنِيِّ و قلبِ الفقيرْ

هِيَ النُّورُ يسري بداجي الظَّلامِ
لِعينِ البصيرِ و عينِ الضريرْ

فَذُودوا معي يا رفاقَ الحُروفِ
عن الشِّعرِ جاءَ بِكُم يَستجيرْ

يَقُولُ : ألا أنقذوني فإنِّي
.. و قد حاولوا هدمَ صرحي .. أسيرْ

غريباً أعيشُ و مُستَغرَباً
و قد كُنتُ ديوانَكم و الغديرْ

و كنتُ الأميرَ على كلِّ فنٍّ
فجاءَ زمانٌ يُذِلُّ الأميرْ

طَغَت فيهِ أوجُهُ كُلِّ قبيحٍ
على كُلِّ غَضِّ المُحَيَّا نضيرْ

لَكُم يا رفاقي مَدَدتُ يداًأصافِحُ كُلَّ لبيبٍ بصيرْ

أناشِدُكُم بالذي تعشقونَ
و لي أمَلٌ في العليِّ القديرْ