جواز مرور - جمال مرسي

و كنتُ صَغِيراً
يُراودُنِي حُلُمٌ لا يغِيبُ عن العينِ ليلهْ .
و يملأُ أجفانَ طِفليَ
يبسِمُ لي كلَّ صبحٍ
إذا أذَّنَ الدِّيكُ
سبَّح باسمِ الذي يمنحُ الكونَ
هذا الضِّياءَ
و يُرخِي على الكونِ سُدلَه .
أنامُ فأُطبقُ جفنَيَّ أخشى انفِلاتَ الرُّؤى
من جُفونِي
تُهدهِدني فهْيَ أَكبرُ مِنِّي
و أَكبرُ من عقلِ طفلٍ إذا سارَ في الشَّمسِ
يرهَبُ ظلَّهْ .
و كنتُ إِذا ما استَفَقتُ أقُصُّ على أمِّيَ الحُلمَ
تضحكُ لي ثُمَّ تأخذُنِي فِي الضُّلوعِ
لأرتشفَ الحُبَّ كلَّهْ .
تُفسِّرُ لِي ما رأَيتُ بنومي
تقولُ : إِذا صرتَ مثلَ أَبيكَ
ستملكُ بينَ يديكَ جوازاً تمُرُّ بِهِ عبرَ كُلِّ الحُدودِ
بغيرِ مُضايقةٍ أو مذلَّهْ .
تُحلِّقُ كالطَّيرِ فوقَ البحارِ
لتسكنَ كُلَّ البلادِ البعِيدةَ
كُلَّ البِلادِ القرِيبهْ .
فلمَّا كَبرتُ
تحقَّقَ لِي نصفُ ما فسَّرتهُ الحبِيبهْ .
و نصفٌ شَوتهُ شُموسُ المنافِي
تجمَّدَ فِي زمهرِيرِ الجليدِ
تمزَّقَ ،
لم يبقَ مِنهُ سِوى صُورةِ الطِّفلِ
تأكلُ من جسمِهِ ألفُ عِلَّه.
فخبَّأتُهُ عن عُيونِي .