مأساة طفل عراقي - جمال مرسي

صوب نحوه الجندي الأمريكي سلاحه فلم يكترث به

و نظر له شذراً و لسان حاله يقول :

أنا طفلٌ عراقِيٌّ أسيرٌ
فَحَرِّرْني أيا جُنْدِيُّ مِنِّي

أَزِلْ عن خافقي تحنانَ أُمِّي
وعطف أبي واختي ضَعْهُ عَنِّي

ومن لُعَبٍ تنامُ على سريري
وأصحابٍ بحارتنا أَجِرْنِي

أَجِرْنِي من ثرى وطني حبيبي
ومن حُلْمِ الطفولةِ والتمني

و من قلمٍ رسمتُ بِهِ نخيلاً
جميلاً ، فوقه طيرٌ يُغَنِّي

و من نهرٍ يشاركني عروقي
وشمسٍ طالما نامت بجفني

أَجِرْنِي من نجومٍ سامرتني
و ألقت ضوءها الحاني بعيني

و من هِرٍ يقاسمني حليبي
ويأكلُ من إناءِ الطهي سمني

أما أبصرتَ يا جنديُّ بؤسي
أما أبصرتَ حين أتيتَ حزني

لذاك دَهَمْتَ منزلَنا مساءاً
لتمنَحَنِي .. بنصفِ الليل .. أمني

و عَزَّ عليكَ أنْ تلقي صغيراً
بلا نومٍ ، فجئتَ بغير إِذْنِ

وفي يُمناكَ رشاشٌ كبيرٌ
يُوزِّعُ طلقةً في كُلِّ رُكْنِ

كتبتَ على الرصاصةِ إسمَ أختي
وإسمَ أخي على الأخرى بِفَنِّ

و لم تنسَ الرضيعَ فَجِئْتَت تسعى
بِخَزٍّ .. كي تُكَفِّنَهُ .. وقُطْنِ

عطوفٌ أنتَ قد نوَّرْتَ ليْلي
بنيرانٍ تَصُبُّ الموتَ ، تُفْنِي

وأسكنتَ الجراحَ صميمَ قلبي
وبالغاراتِ قد شنَّفْتَ أُذْنِي

وجئتَ لكي تُحَرِّرَني ، فمرحى
بسجانٍ يُسَلِّمُني لسجني

يقدِّمُ لي حليباً أو رغيفاً
مُسَمَّمَةً لكي يرتاح مِنِّي

سأفني ..رُبَّما .. لكن بِعِزٍّ
ولن أحيا بِذُلٍّ أو تَدَنِّي

لأني ..حين تقتلني.. شهيدٌ
أُجازي بعد موتِي دارَ عَدْنِ

وإنَّكَ لن ترى إلا جحيما ً
بأمْرِ اللهِ ، جَرَّاءَ التجنِّي