رمادٌ لمحترقِ - جمال مرسي

رَافَقَتكِ السَّلامةُ
يا قُرَّةَ العينِ
يا زهرةَ النُّورِ تُشرِقُ في خافِقي .
رافقتكِ السَّلامهْ .
رافقتكِ عُيونِي
و دقَّاتُ قلبٍ سَقَتهُ يَنابيعُ رُوحِكِ شهداً
فصارَ حديقةَ فُلٍّ لأجلِكِ ،
رَوضاً من الحَبَقِ المُورِقِ .
رافقتكِ قصائدُ شِعريَ ،
كُلُّ حدائِقِ عُمريَ ،
شَهقةُ مُحتَضَرٍ
أَطلقتْها عنادِلُ صوتيَ
حينَ توارى سنا وجهِِكِ المُشرِقِ .
دَمعةٌ
تتحدَّرُ من مُقلةِ الشَّمسِ
و هْيَ تُراقبُ ماخِرةً
شقَّتِ البحرَ نصفينِ
نصفاً هناكَ ، و نصفاً هنَا .
و يمينُكِ رايةُ شوقٍ
تُلوِّحُ ليْ .
و نوارِسُ قلبيَ حولَكِ تعزِفُ لحنَ الرَّحيلِ
تحُطُّ على كتفيكِ
و تلتقطُ الحُبَّ والحَبَّ من راحتيكِ
تُداعبُ في أُلفةٍ وجنتيكِ
تُهامِسُ سمعَكِ
كي تُشفِقِي .
أَيُّها البحرُ يا صاحبي :
قد عَرَفتُ جلالَكَ منذُ قديمِ الزَّمانِ
عرفتُكَ طفلاً و شيخاً
طليقاً ، أسيراً ،
صغيراً ، كبيراً
فَطَوراً تثورُ على مَن حَمَلتَ
كما قلبِها حينَ يغلي اْشتياقاً
و طَوراً
تُريقُ مدامعَ موجِكَ
مثلَ حريرِ أصابِعِها
و بريقِ مدامِعِها
أيها البحرُ يا صاحبي الأَزَليَّ
و خازنَ أسرارِنا :
لكَ سِرٌّ تَخبَّأ بينَ هُدوئِكَ و النَّزَقِ .
كُن رفيقاً
بمن تخِذَتكَ رفيقاً
فأَضفَت على موجِكَ السِّحرَ
و الطُّهرَ
أَلقَت على شَاطِئيكَ عَباءةَ رونقِها
فاستحلتَ خزائنَ من ألقِ .
أَيُّها البحرُ : رفقاً
أََتعلمُ أَنكَ تحملُ روحيَ
خلفَ تُخومِ أسايَ
و خلفَ ضِرامِ حشايَ
فتتركنِي بعدها كحِصانٍ من القشِّ
أو زورَقِ الورقِ .
لا تلُمنِي
إذا أَبصَرَت مُقلتاكَ عُيونيَ
تُهرِقُ دمعاً أُجاجاً كمائِكَ
إنَّ حماماتِ عُشِّيَ طارت
و خلَّتهُ وكراً لنَسرِ التَّذَكُّرِ
و الأَرَقِ .
قد كتبتُ رسائلَ شوقيَ
ـ طوَّقتُ جِيدَ الحمائمِ ـ
للرَّملِ
للنَّخلِ
للنِّيلِ
للنَّرجِسِ الجَبَليِّ
نقشتُ :
أيا وطنِي المُستَحِمَّ بنورِ حبيبيَ
حبُّكَ دَينٌ تعلَّقَ في عُنُقِي .
أَيُّها البحرُ :
إنِّي رمادٌ لمُحترِقٍ
فترفَّق
ترفَّق بقلبيَ
لا تُذكِ يومَ النَّوى حُرَقِي .