على صعيد عرفات - جمال مرسي

صباحٌ جديدٌ قد أطلَّ على الدُّنى
يُبَشِّرُ بالغفرانِ و الرَّحَمَاتِ

و شمسٌ بَدَت للعينِ حسناءَ ، تزدهي
تُشِعُّ السَّنا و الخيرَ في عَرَفَاتِ

و ريحٌ من الجنَّاتِ هَبَّت زكيَّةً
فللهِ من أعطارِها الرَّائِعاتِ

دموعٌ كما الأنهارِ تجري ، كأنَّها
هيَ الدُّرُّ منثوراً على الوَجَناتِ

إلى مكَّةَ الغرَّاء ترنو بصائرٌ
و للبيتِ تهفو من قديمٍ و آتِ

و تصبو قلوبُ المؤمنينَ لقبلةٍ
توحِّدُها من بعدِ طولِ شتاتِ

فتصطفُ في نظمٍ بديعٍ ، كأنَّها
فرائدُ عقدٍ نُظِّمَت بأناةِ

و تعنو لباريها و مبدِعِها الذي
يُقلِّبُها ، تدعوهُ كلَّ صَلاةِ

تعاليتَ يا ربَّ الحجيجِ ، فما لنا
سِوى بابِكَ المفتوحِ في الأَزَماتِ

قصدناكَ يحدونا رجاءٌ و فرحةٌ
و جِئنا وفوداً من جميعِ الجِهاتِ

فلم يُثنِنا بحرٌ ركبنا ، و لا خَبَت
مصابيحُ سعيٍ أُوقِدَت في فلاةِ

فقد كنتَ يا ربَّ الأنامِ أنيسَنا
و نورُكَ منجاةٌ من العَثَراتِ

قصدناك شُعثاً خاضعينَ ، فهب لنا
إذا ما التقى الجمعانِ عِزَّ ثباتِ

و مكِّن لنا يا ربُّ أسبابَ نُصرةٍ
على كُلِّ جبَّارٍ بأرضِكَ عاتِ

طغى فامتطى خيل الغرور بخسةٍ
كفرعونَ في أيامِهِ السابقاتِ

عراق الإباءِ الحُرُّ يدعو و يشتكي
إليك أيا الله ظلم الطغاةِ

فكم دنَّسوا بيتاً بذكرِكَ عامِراً
زكا بين مرتاديه عطرُ الدعاةِ

و كم أحرقوا أرضاً و دَكُّوا منازلاً
و كم روَّعوا من فِتيَةٍ و بناتِ

و هذا هُوَ الأقصى يبثُّ شكاتَهُ
و يدعوكَ كالحُجَّاجِ في الصَّلَوَاتِ

و مِحرابُهُ المكلومُ يأسى لمِنبَرٍ
و باحاتُهُ تُكوَى بنارِ الجُناةِ

فحَرِّرْهُ يا رحمنُ من أسرِ ظالمٍ
و خَلِّصهُ من أغلالِهِ المهلكاتِ

إذا ما تَخَلَّى عنهُ قومي ، فمن لَهُ
سِواكَ ، و في يمناكَ طوقُ نجاةِ