يا رائعَ النَّفَحاتِ عُد مُتَفَضِّلا - جمال مرسي

بالأمسِ رَحَّبنَا بِهِ إذ أقبلا
و اليومَ شَدَّ رِحالَهُ مُتَعَجِّلا

أكرِم بِهِ ضيفاً خفيفاً زارنا
و مضى على أَمَلِ اللقاءِ مُهَروِلا

و كأنَّهُ من عندِ ربِّ العالمينَ..
مُبشِّرٌ للقانطينَ مِنَ المَلا

حَمَلَ الرسالةَ أنَّ ربِّي راحمٌ
يمحو خطايا من بِها قد أُثقِلا

و جِنانُهُ قد فُتِّحَتْ أبوابُهَا
للتائبينَ ، و بابُ " مالكَ " أُقفِلا

غُلَّت شياطينُ الغِوايةِ ، و اكتوى
إبليسُ في أصفادِهِ إذ كُبِّلا

للهِ شهرٌ كالنسيمِ طراوةً
غَمَرَ القلوبَ بنورِهِ مُتَفَضِّلا

كم ذا تَرَقَّبتُ البهيَّ حضورَهُ
أدعو ، وأسكبُ أدمعي مُتَوَسِّلا

حتى إذا ما جاءَ وَلَّى مُرقِِلاً
و كذاكَ كُلُّ العُمرِ يمضي مُرقِِلا

***

رَمَضَانُ كيف تركتنا! أرأيتنا
..كالسابقاتِ..مُضَلَّلاً و مُضَلِّلا ؟

مثلَ القطيعِ يسوقُهُ لهلاكِهِ
من لا يُفرِّقُ بين ماءٍ أو طِلَى

أرأيتنا كالعامِ في نَزَواتنا
نبني لها صرحاً مَشِيداً مُذهِلا ؟

تِلفازُنا ويلاهُ من تِلفازِنا
سُمٌّ زعافٌ لم يَدَع مُتَعَقِّلا

يَفتَنُّ في عَرضِ الخنا في ليلِنا
و نهارِنا ، متعمِّداً مُستبسلا

و كأنه في الحربِ يَشهَرُ سيفَهُ
ضد المبادي آسِراً و مُقَتِّلا

***

رَمَضَانُ ما زالت دِماءُ عِراقِنا
تجري و غاصِبُهُ يَصُولُ مُجَلجِلا

لمَّا يَدَع شيخاً يُقيمُ صلاتَهُ
أو طِفلةً في صَومِهَا أو مُطفِلا

و القدسُ ترزحُ تحتَ وطأةِ مُعتدٍ
يا كم أذاقَ رجالَها طعمَ البِلى

آهٍ و أقصانا يَئِنُّ و يشتكي
و المِنبرُ المكلومُ صاحَ مُهَلِّلا

أرأيتَ ما صِرنا إليهِ،و لم نكن
نرضى سِوى نجمِ المجرَّةِ منزلا ؟!

***

رَمَضانُ إنْ غَادَرتَنَا لا تَنْسَنَا
يا رَائِعَ النَّفَحَاتِ عُد مُتَفَضِّلا

و احملْ بَشَائِرَكَ العَظِيمَةَ ،إِنَّني
مازلتُ في عَفوِ الكريمِ مُؤَمِّلا

حمداً لكَ اللهُمَّ أنْ بَلَّغتَنَا
خيرَ الشهورِ ، و أنتَ خيرٌ مَوئِلا

فَاْمنُنْ على العبدِ الفقيرِ بتوبةٍٍ
و اغفر خطايا من دعا مُتَبَتِّلا