عزف على الوتر السابع - جمال مرسي

قُولِي : أُحِبُّكَ
و ارحَلِي
ما دُمتِ تَنوِينَ الرَّحِيلْ .
ما دُمتِ أَعدَدْتِ الحَقَائِبَ
و افتَرَشْتِ مَوانِئَ الهَجرِ الثَّقِيلْ .
هِيَ آخِرُ الكَلِمَاتِ مِنكِ
فلا تَضِنِّي
مِثلَمَا ضَنَّت عَلَى قَلبِ المُتَيَّمِ
مُهجَةُ الزَّمَنِ البّخِيلْ .
هِيَ كِلْمةٌ
يا رُبَّما أَحيَتهُ مِن بَعدِ المَمَاتِ
و رُبَّما
عَادَت بِأَشلاءِ المُعَذَّبِ فِي هَوَاكِ
مِنَ الشَّتَاتِ
و رُبَّما
زَرَعَتْهُ فِي رَوضِ الأَمَانِي شَامِخاً
مِثلَ النَّخِيلْ .
قُولِي أُحِبُّكَ ،
و اجعَلِيهَا آخِرَ الأَنغَامِ
تَسكُبُهَا طُيُورُكِ فِي مَسَامِعِهِ
و آخِرَ زَهرَةٍ تَنمُو عَلَى شَفَتَيكِ
يَقتُلُهَا الذُّبُولْ .
ما كُنتُ أَحسَبُكِ البَخِيلةَ لَحظَةَ التَّودِيعِ ،
لا تُلقِينَ نَظرَتَكِ الأخِيرَةَ
قَبلَما يُغرِي شِراعَ فُؤَادِكِ المَجنُونَ
بَحرُ الأُمنِيَاتِ
و رِحلَةُ السَّفَرِ الطَّوِيلْ .
و يُقِلُّكِ البَحرُ الخِضَمُّ إلى جَزِيرَتِكِ البَعِيدةِ
حَيثُ لا قَلبٌ يُحِبُّكِ
مثلما قلبِ المُغَنِّي حين أفنى عُمرَهُ
يَسقِيكِ مِن سلسالِ نهرٍ سَلسَبِيلْ .
و يُرِيقُ فِي كَفَّيكِ مَاءَ حَيَاتِهِ
فَجَحَدْتِهِ
و تَرَكتِهِ طُعماً لأَنيَابِ السُّهَادِ
و لُقمةً لِذِئابِ لَيلٍ مُستَبِدٍّ
تَنهشُ الحُلمَ الجَمِيلْ .
قُولِي أُحِبُّكَ وارحَلِي
و خُذِي حَقَائِبَكِ التي حَمَّلتِهَا بِالذِّكرياتِ
فإنَّنِي لَن أَمنَعَكْ .
و نَوَارِسُ القَلبِ المُعّذَّب .. يَا سُعا .. لَن تَتْبَعَكْ
و أنا سَيَصلِبُنِي الفَرَاغُ عَلَى جُذُوعِ الوَقتِ
أَجتَرُّ الدَّقَائِقَ ،
و المَفَارِقَ ،
و الحَرَائِقَ ،
أَستَعِينُ عَلَيكِ بِالنِّسيَانِ يا نَيسَانَ حُلمٍ مُستَحِيلْ .
قُولِي أُحبُّكَ و ارحَلِي
لا تَقرَئِي كَلِمَاتِ أُغنِيَتي الحَزِينةَ
لا تُرِيقِي دَمعَةً بَعدِي
و إنْ قلَّبْتِ سِفرَ الذِّكرياتِ فَلا تَقُولِي
هَا هُنَا كَانَ اللِّقاءُ
و هَا هُنَا
كُنَّا نَجُوبُ مَدِينَةَ الأَحلامِ
نَلهُو كَالفَرَاشِ
إذا دَعَاهُ .. لحفلةِ الرقصِ .. الضِّياءُ
و هَا هُنَا
ضَحِكَت لَنَا شَمسُ الصَّباحِ
و بَارَكَت خُطُوَاتِنَا شَمسُ الأَصِيلْ .
لا تَنظُرِي لِلخَلفِ نَظرَةَ مُشفِقٍ
أو تَحسَبِي
أَنِّي كَمَا جَبَلِ الجَلِيدِ إذا تَفَجَّرَ فِيهِ بُركانٌ يَسِيلْ .
أناْ مَن عَرَفتِ ،
اْلفَارِسُ الحُرُّ النَبِيلْ .
لو مِتُّ أُبعَثُ مِن رَمَادِي مِثلَمَا الفِينِيقِ
مُمتَشِقاً زُهُورَ صَبَابَتِي
أَرعَى شُؤُونَ إِمَارَتِي
و أُضَمِّدُ الجُرحَ الذي خَلَّفْتِهِ
أَناْ أَلفُ نيلْ .
سَأَظَلُّ رَمزاً لِلعَطَاءِ و إِن تَقَلَّبَتِ الفُصُولُ
فَلَن أَجِفَّ
و لَن أَغُورَ و لن أمِيلْ.
فَلتَرحَلِي ، لَن أَمنَعَكْ
قَلبِي مَعَكْ
لابُدَّ يَوماً ترجعينَ
لظِلِّ واحَتِهِ الظَّلِيلْ .