الاختيار - عاطف الجندي

هو الخوفُ يا سِّيدي ,
فاقتحمهُ ,
ولا .. لا تجادلْ
فقدْ علَّمَتْكَ التجاربُ
أن السكوتَ هو الموتُ
أن الخضوعَ هو الموتُ
أن انتظار النهايةِ
أصعبُ شيءٍ تراهُ .
فماذا يهمُّك لو ثُرتَ يوماً
وحَطَّمتَ قَيدكَ..
أيقنت أن ادعاءَ الوسامةِ
في اللفظِ شيءٌ ,
وأن تركبَ الموجَ
نحو ازدهار الأمانيِّ شيءٌ ..
وشمسُ الحقيقةِ
تُعمي الوجوه
فأنتَ المكبّلُ
رغمَ اتساعِ المدائحِ
رغمَ النفاقِ الذي تشتريهِ
فقدْ صرتْ عبداً
لكرسيِّ مجدِكَ
دافعتَ عن مُهرةِ الحلمِ
حُلمِكَ ..
واخترتْ دربَ الخفوتْ
***
إلام ستتركُ ثارات قِومِكَ ..
أحزانُهمْ في مرايا القبائلِ
دمعاتُهمْ بين فجر الرجاءِ
وشكِّ اليقينْ
ضفائُر أحلامهم لوعةً
سافرن فيَ مُطلق المستحيلْ
وبايعنَ عهدَ الطفولة
ينادينَ باسمِ الرجولةِ
أن ترحمَ العينَ
من ضوئِها المُنكسرْ
إلى أين تمضى ؟!
وقد صرت ماءً
فلا طعمَ أنتَ
ولا لونَ أنتَ
ولا شكلَ أنتَ
ولا أنتَ أنتَ
ولا الماءُ ماءْ
***
أخمراً ستشربُ في صحةِ
القاذفاتِ اللواتي
مارسنَ حقَّ الفجورِ
وحق انتهاكِ المحَارمْ ؟!
أقهراً ستشربُ والصبحُ أمرْ
وقد ماتَ مُلككُ
قد ضاعَ مجدُكَ
قد سار في القتلِ كلُّ المحبينَ ,
يا سيدي واحدٌ من رعاياكَ , إني
وما زلت أحلم بالنَّسْرِ
يحمي اليمامةَ,
أحلمُ بالبعثِ بعدَ المهانةِ
بالغيثِ بعد اشتهاءِ المطرْ
***
فهلاَّ اخترعتَ لنا موعداً
بين نارينِ نلقاكَ فيه .
وهلاَّ أتيتَ
بأهوالِ يومِ القيامةْ ؟!
أبوكَ المسُجَّيَ
ودمعاتُ أمِّكَ ,
والنسوةُ اللابساتُ الحدادَ ,
وأطفالُ حقلِ البراءةِ ,
أحلامُ هندٍ
وأشعارُ ليلى
جميعاً يصلونَ في حضرةِ الانتظارْ
فهل سوفَ تنسى .. كما قيل عنكَ ؟!
وهل سوفَ تَصْبِغُ ,
عينيكَ بالليلِ كيما
يموت النهارْ؟!
وهل سوفَ تَلْبسُ وجهَ السذاجةِ ,
أم تشتري صمتنا
بالخُطَبْ ؟!
***
سمعناكَ في كلِّ وادٍ
تُنددْ
رأيناكَ في كلِّ جمعٍ
تُهددْ
ولكننا للأسفْ
ما رأيناكَ تمضي
- ولو خُطوةً -
في طريقِ التمني
أَسمى وأبْعَدْ
هو الثأرُ
أرحمُ من نظرةِ الاستهانةِ
تأتي إلى سَمْتِكَ المستكينْ
أو الموتُ أرحمُ
من يحتوى ضعفَ رأيكَ
أو فاترك الآنَ عرشكَ
كيما تجودَ السماءُ
بعهدٍ جديدْ !
.
18/5/2004