رؤيــة - حميد العقابي

1
يجنُّ خرابي
أيا ساحلَ الوردِ هلاّ أفقتَ على مبحرٍ ، لاتطاولُ كفاهُ عنقَ السواحلِ ، إذ تتلظى مياهٌ ويشتعلُ الأرجوانُ بشوق المناديلِ نازفةً للقاء الشفاهِ ، وحين يدبُّ دبيبُ المواعيدِ في نرجسِ العاشقين ....
يجنُّ خرابي
أرى نجمةً فوق صاريةٍ لا تضيء الطريق إلى مرفأٍ ثملٍ ، وأرى نجمةً في الفنارِ تخبئ ظلَّ قراصنةٍ وتُضلُّ المراكبَ ، تلكَ بغايا البحارِ وهذي بقايا سنين ....
يجنُّ خرابي
أدرْ دفّةَ الحزنِ نحو القرارِ ،
أدرْ دفّةَ العمقِ نحو السماءِ ،
فما بينها يا بن ماجد نأمنُ شرَّ الزوابع ،
إنا رسوْنا على ذنبِ اليأسِ ، يفضحنا رأسهُ هل ترى أن في الأفقِ شيئاً يلوحُ
سوى عثرةِ القادمين ....
2
ا - يصحو جنوني
يمتدُّ العالمُ ... يمتدُّ
وكلما يمتدّ يكون قابلاً للقسمةِ أو التشظي
وأنتَ المقسومُ أو المقصومُ
هكذا قالتِ الأرضُ
وهكذا تحججتِ السماءُ
حينما أزهرَ السباخُ في أرضِ الله .
ب - يروقُ خرابي
أيتها الوعولُ الشاردةُ من سهامِ الصيادين
إلى أين تسعين ؟
أيتها الأنهارُ العائدةُ الى منابعها والمحتفظةُ بتقاليدها العريقةِ
أين هو المجرى ؟
لا شيءَ
سوى قبضِ ريح
قالتِ الكفُّ العذراء
حينما لم ترَ في راحتها سوى سلاّمياتٍ لا تصلحُ لإمساكِ طيورِ الفطنة
3
لم يعدْ لي إلهٌ
لأدعوه يوماً لمأدبةٍ
فلعلهُ يلعنُ ساعةَ سكرٍ
رمتْ هذهِ الكأسَ في حانةٍ شربتْ دمنا ،
ويغيضُ بها الخمرُ عن أعينِ الشاربين ..
لم يكنْ لي أبٌ
لأقولَ لأحفادهِ أن يخطّوا على مرقدي
( هو ذا ما جناهُ عليْ )
هي ذي صرخةُ الطفلِ
هذا الذي به بشرتمُ الأرضَ مبتهجين ..
لم يعدْ لي وطنْ
لأقولَ لهُ : كن شبيهي
لكي يشنقوكَ كما شنقوا الأولين ..
لم يكنْ لي مدار
لأقولَ لأرضي : قفي
واسائلُ أثداءَ نجمةِ عشقيَ :
مَنْ تُرضعين ..؟
4 - لم يبقَ لي خـراب
لأقولَ : تلكَ سلالةُ الأطلالُ فينا ،
قد أتى زمنٌ عليكَ ترى سفينتكَ - الخطيئةَ ،
هذهِ الأرضُ التي عشقتْ دمانا ،
تطلبُ القربانَ - رأسَ نبي.
فخذْ يا نوحُ كلَّ رجولةٍ فينا
فمَنْ نبكيهِ
غيرَ سفينةٍ - طللٍ
وخلٍّ قد وفى العهدا ؟